كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 7)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ اسْتِعْمَالُ الْمُفَادَاةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الأَعْدَاءِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ لَهُمْ صَلَاحًا.
٦١٥٩ - أَخبَرنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدثنا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: أَخبَرنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: أَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم، وَأَسَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم رَجُلاً مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، فَمُرَّ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم وَهُوَ مُوثَقٌ، فَنَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَّدُ! فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، فَقَالَ: عَلى مَا أُحْبَسُ؟ فَقَالَ: "بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ"، ثُمَّ مَضَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم فَنَادَاهُ،
فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم، فَقَالَ لَهُ الأَسِيرُ: إِنِّي مُسْلِمٌ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ"، ثُمَّ مَضَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم فَنَادَاهُ أَيْضًا فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وسَلم: "هَذِهِ حَاجَتُكَ"، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيه وسَلم فَدَاهُ بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَتْ ثَقِيفُ أَسَرَتْهُمَا.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَوْلُ الأَسِيرِ: إِنِّي مُسْلِمٌ، وَتَرْكُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم ذَلِكَ مِنْهُ، كَانَ لأَنَّهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم عَلِمَ مِنْهُ بِإِعْلَامِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ إِيَّاهُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ، فَلَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ فِي أَسْرِهِ، كَمَا كَانَ يَقْبَلُ مِثْلَهُ مِنْ مِثْلِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَسِيرًا، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ، فَإِذَا قَالَ الْحَرْبِيُّ: إِنِّي مُسْلِمٌ، قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَرُفِعَ عَنْهُ السَّيْفُ سَوَاءٌ كَانَ أَسِيرًا أَوْ مُحَارِبًا. [٤٨٥٩]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ شِدَّةِ حَمْلِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
٦١٦٠ - أَخبَرنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخبَرنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ بَيْنَنَا، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ قَاصًّا يَقُصُّ عِنْدَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ، وَيَزْعُمُ أَنَّ آيَةَ الدُّخَانِ تَجِيءُ فَتَأْخُذُ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّارِ، وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ، فَجَلَسَ عَبْدُ اللهِ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ! فَمَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ شَيْئًا، فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَا يَعْلَمُ فَلْيَقُل: اللهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ لأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ: اللهُ أَعْلَمُ، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا لِنَبِيِّهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦].
إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم لَمَّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا قَالَ: "اللهُمَّ سَبْعًا كَسَبْعِ يُوسُفَ"، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْجُلُودَ، وَيَنْظُرُ أَحَدُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَرَى كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ جِئْتَ تَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللهِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا مِن الجُوعِ، فَادْعُ اللهَ لَهُمْ، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ... {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: ١٠ - ١٦]، فَالْبَطْشَةُ يَوْمُ بَدْرٍ وَقَدْ مَضَى آيَةُ الدُّخَانِ وَالْبَطْشَةِ وَاللِّزَامِ وَالرُّومِ. [٤٧٦٤]
الصفحة 93