كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 7/ 1)

التي تخطر في الذهن عندما يذكر اسم الغول. حتى إن الناس لا يتفقون - فيما أحسب - على كيفية تصور هذا الأمر الموهوم، فكل يخطر له المعنى في أبشع صورة يتمكن خياله من جمعها وتلفيقها.
فغاية ما صنع الشاعر: أن عمد لأمر محسوس، وهي النصال المحددة، وتخيَّله في صورة أمر هو في نفسه خيالي، ولكن صورته مأخوذة من مواد كان يعرفها من قبل بطريق الرؤية أو السماع.

وتعتمد المخيلة على قوة التذكر، وهو تداعي المعاني وخطورها على الذهن بسهولة، وبعد أن تتراءى لها الصورة بوسيلة التذكر، تستخلص منها ما يلائم الغرض، وتطرح ما زاد على ذلك، فتفصل الخاطرات عن أزمنتها، أوما يتصل بها مما لا يتعلق به القصد من التخييل، ثم تتصرف في تلك العناصر بمثل التكبير أو التصغير، وتأليف بعضها إلى بعض حتى تظهر في شكل جديد.
* تداعي المعاني:
ترجع الأسباب التي تجمع بين المعاني، وتجعلها بحيث يكون حضور بعضها في النفس يستدعي حضور بعض، إلى ثلاثة أنواع:
أولها: اقتران المعنيين في الذهن حيث يكون تعلقهما أو إحساسهما في وقت واحد، أو على التعاقب، ومن هذا تذكُّر الوقائع عندما يخطر بالبال مكانها، كما قال ابن الرومي:
وحَبَّبَ أوطانَ الرجال إليهم ... مآربُ قضّاها الشبابُ هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذَكَّرَتهمُ ... عهودَ الصِّبا فيها فحنّوا لذلكا

الصفحة 14