كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 7/ 2)
ما سارَ فيكِ الْغَيْمُ إلَّا صَيِّباً ... والرِّيحُ إلَّا أَنْ تَكونَ رُخَاءَ (¬1)
لا يحتَسي من ماءِ أَرضِكِ صائِلٌ ... فيما عَرَفْتُ سوى شُعاعِ ذُكاءَ (¬2)
لا دَمْعَ إلَّا مِنْ مَآقي خاشعِ ... لله يَدْعُو خِيفَةً ورَجاءَ
لا حَرَّ إلَّا غَيْرةٌ في أَنفُسٍ ... تَهوى إذا حَمِيَ الوَطيسُ لِقاءَ (¬3)
ما لِلْيهود استَوْطَنُوكِ وَصاعَروا ... بعدَ الَهوانِ خُدودَهُمْ خُيَلاءَ؟ (¬4)
أَفَما نبتْ بِهِمُ مَواطِنُ لم تُطِقْ ... مَكْراً يَحُوكُ شَقاً لها وبلاءَ (¬5)
يَنْفيهِمُ الزُّعماءُ عنْ ساحاتِها ... نفَيَ الرِّياحِ عَنِ المِياهِ غُثاءَ (¬6)
هاتي فِلَسطينُ الحديثَ عنِ الَّذي ... خَلَعَتْ يَداهُ على الْيهود وَلاءَ
وأَعَدَّ للعُرْبِ الْكِرامِ قذيفةً ... فتَّاكةً أَوْ طعنةً نَجْلاءَ (¬7)
يُعطيهُمُ عَهدَ الَحليفِ مُداهِناً ... وَيسومُهمْ سوءَ الْعَذابِ عِداءَ
¬__________
(¬1) الصيّب: مجيء السماء بالمطر. الريح الرخاء: اللينة الهُبوب.
(¬2) صائل: يقال: سأل صولاناً؛ أي: استطال، وسطا. الذُّكاء: الشمس، ويقال للصبح: ابن ذُكاء؛ لأنه من ضوئها.
(¬3) الوطيس: التنور، أو الفرن، جمع وَطَس، ومنه قولهم: حمي الوطيس: إذا اشتدت الحرب، وتواطست الأمواج: تلاطمت.
(¬4) صاغر خده: أماله عن النظر إلى الناس تهاوناً من كِبَرْ. الخيلاء: الكبر والإعجاب.
(¬5) نبا: تجافى وتباعد.
(¬6) الغُثاء والغثَّاء: البالي من ورق الشجر المخالط زبد السيل.
(¬7) نجلاء: واسعة، يقال: عين نجلاء كناية عن سعة شقة العين.
الصفحة 10