كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 7/ 2)

مَلؤوا "جِلَّقَ " أُنْساً فَأَرى ... لَيْلَها طَلْقَ المُحَيَّا كَضُحاها (¬1)
شَدَّ ما لاقَوْا خُطوباً فَانْتَضَوْا ... مُرْهَفاتِ الْعَزْمِ طَعْناً في لَهاها (¬2)
عِزَّةُ الأُمَّةِ في نَشْءٍ إذا ... نَشَبَتْ في خَطَرٍ كانوا فِداها
وَجَناحا فَوْزِها اسْتِمْساكُها ... بِهُدى اللهِ وإرْهافُ قَناها
هِيَ عَيْنٌ والهُدى إنْسانُها ... فَإذا ما فَسَقَتْ لاقَتْ عَماها (¬3)
رَتِّلِ الذِّكرَ مَلِيَّاً تَرَهُ ... يَغْرِسُ الحِكْمَةَ أَوْ يَجْني جَناها
أطْلَقَ الأَفْكارَ مِنْ أَصْفادِها ... فَمَضَتْ تَرْعى الثُّرَيّا وسُهاها (¬4)
خُضْ عُلومَ الْكَوْنِ أَحْقاباً وسِرْ ... في سَماها إنْ تَشَأْ أَوْ في ثَراها (¬5)
لا تَرى في الدِّينِ إلَّا مُغْرِياً ... بِحُلاها أَوْ مُزيحاً لَقَذاها (¬6)
ذَكَّرونا سَلَفاً قامَ عَلى ... خُطَّةٍ غَرَّاءَ والدَّهْرُ طَواها (¬7)
أُمَّةٌ يُذْكي التُّقى غَيْرَتَها ... مِثْلَما يُذْكي النَّدى نارَ قِراها (¬8)
¬__________
(¬1) جلق: دمشق.
(¬2) اللهى: جمع اللهاة: اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم.
(¬3) الإنسان: المثال الذي يرى في سواد العين.
(¬4) الأصفاد: جمع الصفد: الوثاق الذي يشد به الأسير. الثريا: سبعة كواكب في عنق الثور، سميت بذلك؛ لكثرة كواكبها مع ضيق المحل. السها: كوكب خفي من بنات نعش الصغرى.
(¬5) الأحقاب: جمع الحُقب: ثمانون سنة، وقيل: أكثر من ذلك، الدهر.
(¬6) القذى: ما يقع في العين وفي الشراب من تبنة أو غيرها.
(¬7) السلف: كل من تقدمك من آبائك وقرابتك، والجمع أسلاف.
(¬8) الندى: الجود. القرى: الضيافة.

الصفحة 230