كتاب مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

440 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سُفِيَانَ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَدِمَ أَعْرَابِيٌّ الْمَدِينَةَ يَطْلُبُ فِي أَرْبَعِ دِيَاتٍ حَمْلَهَا، فَقِيلَ لَهُ: عَلَيْكَ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمَا، عَلَيْكَ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَلَيْكَ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَيْكَ بِعُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى رَجُلاً يَخْرُجُ مَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، قَالَ: هَذَا أَحَدُ أَصْحَابِي الَّذِينَ ذُكِرُوا لِي، فَمَشَى مَعَهُ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَدِمَ لَهُ، وَمَنْ ذُكِرَ لَهُ، وَأَنَّهُ أَحَدُهُمْ وَهُوَ سَاكِتٌ عَنْهُ لاَ يُجِيبُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ بَابَ مَنْزِلِهِ قَالَ لِخَازِنِهِ: قُلْ لِهَذَا الأَعْرَابِيِّ فَلْيَأْتِ بِمَنْ يَحْمِلُ لَهُ، فَقِيلَ لَهُ: ائْتِ بِمَنْ يَحْمِلُ لَكَ، قَالَ: عَافَا اللَّهُ سَعِيدًا، إِنَّمَا سَأَلْنَاهُ وَرِقًا، وَلَمْ نَسْأَلْهُ تَمْرًا، قَالَ: وَيْحَكَ، ائْتِ بِمَنْ يَحْمِلُ لَكَ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَاحْتَمَلَهَا الأَعْرَابِيُّ، فَمَضَى إِلَى الْبَادِيَةِ وَلَمْ يَلْقَ غَيْرَهُ.
441 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَلَى عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ يَتَكَلَّمُونَ فِي حَمَالاَتٍ، وَكَانَ خَطِيبَهُمْ عَوْنُ بْنُ جَابِرٍ، وَكَانَ لَهُ لِسَانٌ جَيِّدٌ، فَتَكَلَّمَ عَوْنٌ وَذَكَرَ بَنِي أَسَدٍ وَقَرَابَتِهِمْ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَكَانَ عِنْدَ عِيسَى: يَا بَنِي أَسَدٍ، إِنَّكُمْ لَتَكَلَّمُونَ كَأَنَّكُمْ نَزَلْتُمْ مِنَ السَّمَاءِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَوْنُ بْنُ جَابِرٍ فَقَالَ: لَوْ نَزَلَ قَوْمٌ مِنَ السَّمَاءِ جُودًا أَوْ كَرَمًا لَكُنَّا النَّازِلِينَ مِنَ السَّمَاءِ، نَحْنُ بَنُو خُزَيْمَةَ، وَنَحْنُ بَنُو بَرَّةَ يَعْنِي ابْنَةَ مُرٍّ وَهِيَ أَمُّ أَسَدٍ وَإِنْ كُنْتَ لَجَدِيرًا أَنْ تَكُونَ مَعَنَا فِي حَاجَتِنَا، فَأَلاَّ - إِذْ لَمْ تَفْعَلْ - تَرَكْتَنَا وَالأَمِيرَ؟ قَالَ: وَجَعَلَ عِيسَى يُسَرُّ بِمَا يُوَبِّخُ بِهِ الْحَسَنَ وَيُكَلِّمُهُ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُمْ عِيسَى بِالْمَالِ الَّذِي طَلَبُوهُ لِلْحَمَالاَتِ، وَكَانَ أَرْبَعِينَ أَلْفًا.

الصفحة 188