كتاب مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

442 - وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: دَخَلَ سَعِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا رَآهُ دَاخِلاً تَمَثَّلَ سُلَيْمَانُ:
إِنِّي سَمَعَتُ مَعَ الصَّبَاحِ مُنَادِيًا ... يَا مَنْ يُعِينُ عَلَى الْفَتَى الْمِعْوَانِ
، هَذَا وَاللَّهِ الْفَتَى فَمَنْ يُعِينُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: حَاجَتُكَ يَا أَبَا خَالِدٍ؟ قَالَ: دَيْنِي تَقْضِيهِ عَنِّي، قَالَ: وَكَمْ دَيْنُكَ؟ قَالَ: عَلَيَّ ثَلاَثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، قَالَ: فَقَدْ قَضَيْتُهَا عَنْكَ، قَالَ: وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ تُصِيبُهُ مُوتَةٌ نِصْفَ السَّنَةِ، فِيَكُونُ فِيهَا مَطْرُوحًا، وَيَصِحُّ نِصْفَ السَّنَةِ، فَإِذَا صَحَّ أَعْطَى وَأَطْعَمَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَأَتَاهُ مَنْ يَطْلُبُ نَيْلَهُ، قَالَ لَهُ: لَيْسَ عِنْدِي، وَلَكِنْ اكْتُبْ عَلَيَّ صَكًّا بِكَذَا وَكَذَا، فَيَكْتُبُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ وَيُشْهِدُ لَهُ، فَدَخَلَ بَنُو سَعِيدٍ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ أَبَانَا يُتْلِفُ مَالَهُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الصِّكَاكَ لِمَنْ يَسْأَلُهُ، فَاحْجُرْ عَلَيْهِ، فَحَجَرَ عَلَيْهِ، وَقَالَ لِبَنِيهِ: اجْعَلُوا لَهُ شَيْئًا لِمَائِدَتِهِ، فَجَعَلُوا لَهُ شَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَمَا يُصْلِحُهَا، فَجَعَلَ يَقُولُ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ، إِنَّمَا هِيَ شَاةٌ فِي الْيَوْمِ وَيَسْتَقِلُّهَا، وَقَبْلَ ذَلِكَ مَا أَرَادُوا أَنْ يُعَالِجُوهُ، فَعَزَّمُوا عَلَيْهِ، فَتَكَلَّمَتِ امْرَأَةٌ عَلَى لِسَانِهِ فَقَالَتْ: أَنَا رُقَيَّةُ بِنْتُ مِلْحَانَ سَيِّدِ الْجِنِّ، وَاللَّهِ لَئِنْ عَالَجْتُمُوهُ لأَقْتُلَنَّهُ، فَإِنِّي لَوْ وَجَدْتُ مِنَ الإِنْسِ أَكْرَمَ مِنْهُ لَعَلِقْتُهُ.

الصفحة 189