كتاب مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

446 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ، فَنَادَاهُ:
دَعَوْتَ حَرَّانَ مَلْهُوفًا لِيَأْتِيَكُمْ ... فَقَدْ أَتَاكَ بَعِيدُ الدَّارِ مَظْلُومُ
قَالَ: مَنْ ظَلَمَكَ؟ قَالَ: الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخَذَ أَرْضًا لِي بِالْيَمَنِ، فَقَالَ: اكْتُبُوا لَهُ إِلَى عَامِلِ الْيَمَنِ إِنْ أَقَامَ عِنْدَكَ شَاهِدَيْنِ ذَوَيْ عَدْلٍ فَارْدُدْ عَلَيْهِ أَرْضَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ قَدْ كُلِّفْتَ فِي وَجْهِكَ هَذَا، قَالَ: كُلِّفْتُ زَادًا وَرَاحِلَةً، فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاَثِينَ دِينَارًا.
447 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ: قَدِمَ الزُّبَيْرُ الْكُوفَةَ وَعَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَامِلاً لِعُثْمَانَ، فَبَعَثَ إِلَى الزُّبَيْرِ بِسَبْعِمِئَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ: لَوْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا بَعَثْتُ بِهِ إِلَيْكَ، فَقَبِلَهَا قَالَ سُلَيْمَانُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ مُصْعَبًا الزُّبَيْرِيَّ، فَقَالَ: مَا كُنَّا نَرَى الَّذِي أَعْطَاهُ الْمَالَ إِلاَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَكُنَّا نَقُولُ: خَمْسُمِئَةِ أَلْفٍ وَهُشَيْمٌ أَعْلَمُ.
448 - قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيَّ ابْنُ عَمٍّ لِي مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخٍ لِي أَصَابَ دَمًا عَمْدًا، فَطَلَبْتُ إِلَى أَهْلِ الدَّمِ أَنْ يَقْبَلُوا مِنِّي الْعَقْلَ فَفَعَلُوا، فَأَسْلَمَتْنِي عَشِيرَتِي وَأَبَوْا أَنْ يَحْمِلُوا مَعِي، وَقَالُوا: إِنَّمَا نَحْمِلُ الْخَطَأَ، فَأَمَّا الْعَمْدُ فَلاَ، فَقَدِمْتُ أَلْتَمِسُ الْمَعُونَةَ مِنْ هَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَمَرْتُ لَهُ بِخَزِيرَةٍ فَصُنِعَتْ فَغَدَّيْنَاهُ مِنْهَا، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى خَيْرِ الْقَوْمِ وَسَيِّدِهِمُ ابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمَا فَخَرَجْنَا نَلْتَمِسُهُ فِي بَيْتِهِ فَلَمْ نَجِدْهُ، فَخَرَجْنَا فَلَقِينَاهُ بِالْبَلاَطِ، فَقُلْتُ: عِنْدَكَ الرَّجُلُ، فَاسْتَوْقَفْنَاهُ، فَوَقَفَ وَاسْتَنَدَ إِلَى الْجِدَارِ، فَقُلْتُ: يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ ابْنَ أَخٍ لِي أَصَابَ دَمًا - فَقَصَّ قِصَّتَهُ - وَقَدِمْتُ أَسْتَعِينُ هَذَا الْحَيَّ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى دِيَتِهِ، فَرَأَيْتُ أَنْ أَبْدَأَ بِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي نَفْسُ حُسَيْنٍ بِيَدِهِ، مَا أَصْبَحَ فِي بَيْتِي دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، وَمَا غَدَوْتُ إِلَى السُّوقِ إِلاَّ لأَلْتَمِسَ الْعِينَةَ فِي بَعْضِ نَفَقَاتِنَا وَمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ، وَلَكِنِّي أَرَاكَ رَجُلاً جَلْدًا وَقَدْ حَانَ حَصَادُ مَالِي بِذِي الْمَرْوَةِ عَيْنِ يُحَنَّسَ، فَاخْرُجْ إِلَيْهَا، فَقُمْ عَلَيْهَا بِعُمَّالِهَا، ثُمَّ احْصُدْ وَدُقَّ وَبِعْ، فَإِنَّهَا مُوَدِّيَةٌ عَنْكَ، وَلاَ تَسْأَلْ أَحَدًا شَيْئًا. فَقَالَ: أَفْعَلُ بِأَبِي وَأُمِّي، وَكَتَبَ إِلَى قَيِّمِهِ: انْظُرْ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ فَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَصَادِ أَرْضِكَ، فَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ، فَخَرَجَ فَحَصَدَهَا، فَبَاعَ مِنْهَا بِعِشْرِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَدَّى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَاسْتَفْضَلَ ثَمَانِيَةَ آلاَفٍ.

الصفحة 191