كتاب مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

453 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ خَالِدٍ الزَّيَّاتِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ، فَتَحَمَّلَ عَلَيْهِ بَابْنِ عَبَّاسٍ لِيُؤَخِّرَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ: هِيَ لَهُ يَا ابْنَ عَمِّ، قَالَ: مَا أَرَدْتُ هَذَا كُلَّهُ، قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: لَكِنِّي أَنَا أَرَدْتُهُ.
454 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: دَخَلَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيِّ، وَقَدْ أَخَذَتِ الْخَمْرُ مِنْ عَبْدِ اللهِ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي ... حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ،
وَعِلْمُكَ بِالأُمُورِ وَأَنْتَ فَرْعٌ ... لَكَ الْحَسَبُ الْمُهَذَّبُ وَالسَّنَاءُ،
كَرِيمٌ لاَ يُغَيِّرُهُ صَبَاحٌ ... عَنِ الْخُلُقِ الْكَرِيمِ وَلاَ مَسَاءُ،
إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا ... كَفَاهُ مِنْ تَعرُّضِهِ الثَّنَاءُ
قَالَ: وَعِنْدَ ابْنِ جُدْعَانَ قَيْنَتَانِ لَهُ، فَقَالَ: انْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَخُذْ بِيَدِهَا، قَالَ: وَكَانَتَا أَحَبَّ مَالِهِ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ أُمَيَّةُ إِحْدَاهُمَا وَخَرَجَ، فَلَقِيَهُ فِتْيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا لَهُ: مَا صَنَعْتَ؟ دَخَلْتَ إِلَى شَيْخِنَا وَسَيِّدِنَا وَقَدْ عَمِلَ فِيهِ الشَّرَابُ، فَأَخَذْتَ إِحْدَى حَظِيَّتَيْهِ وَأَحَبَّ مَالِهِ إِلَيْهِ، ارْجِعْ فَارْدُدْهَا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ سَيُعَوِّضُكَ أَضْعَافَهَا، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا الَّذِي رَدَّكَ إِلَيْنَا يَا أُمَيَّةُ؟ قَالَ: أَحَبَّتْ أَنْ تُؤْنِسَ أُخْتَهَا، قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ قِيلَ لَكَ فَرَّقْتَ بَيْنَ الشَّيْخِ وَأَحَبِّ مَالِهِ إِلَيْهِ، وَاللَّهِ لَتَأْخُذُنَّ بِيَدِ الأُخْرَى فَأَخَذَهُمَا جَمِيعًا وَخَرَجَ، وَهُوَ يَقُولُ:
عَطَاؤُكَ زَيْنٌ لاِمْرِئٍ إِنْ حَبَوْتَهُ ... بِفَضْلٍ وَمَا كُلُّ الْعَطَاءِ يَزِينُ،
وَلَيْسَ بِشَيْنٍ لاِمْرِئٍ بَذْلُ وَجْهِهِ ... إِلَيْكَ كَمَا بَعْضُ السُّؤَالِ يَشِينُ.

الصفحة 194