كتاب مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

457 - حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: مَدَحَ ابْنُ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ، فَقَالَ:
يَا بِشْرُ يَا ابْنَ الْجَعْفَرِيَّةِ ... مَا خَلَقَ الإِلَهُ يَدَيْكَ لِلْبُخْلِ،
جَاءَتْ بِهِ عُجُزٌ مُقَابَلَةٌ ... مَا هُنَّ مِنْ جَرْمٍ وَلاَ عُكْلِ
قَالَ: فَقَالَ لَهُ بِشْرٌ: احْتَكِمْ. قَالَ: عِشْرِينَ أَلْفًا، قَالَ: قَبَّحَكَ اللَّهُ لَكَ عِشْرُونَ وَعِشْرُونَ حَتَّى بَلَغَ مِئَةَ أَلْفٍ.
458 - وَحَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَحِطَ النَّاسُ فِي زَمَنِ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ، فَخَرَجُوا فَاسْتَسْقَوْا وَبِشْرٌ مَعَهُمْ، فَرَجَعُوا وَقَدْ مُطِرُوا. وَوَافَقَ ذَلِكَ سَيْلاَ مِنْ اللَّيْلِ، فَغَرِقَتْ نَاحِيَةُ بَارِقٍ وَبَنِي سُلَيْمٍ، فَخَرَجَ بِشْرٌ مِنْ الْغَدِ يَنْظُرُ إِلَى آثَارِ الْمَطَرِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَارِقٍ، فَإِذَا الْمَاءُ فِي دَارِ سُرَاقَةَ بْنِ مِرْدَاسٍ الْبَارِقِيِّ وَسُرَاقَةُ قَائِمٌ فِي الْمَاءِ، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، إِنَّكَ دَعَوْتَ أَمْسِ وَلَمْ تَرْفَعْ يدَيْكَ، فَجَاءَ مَا تَرَى، وَلَوْ كُنْتَ رَفَعْتَ يَدَيْكَ لَجَاءَ الطُّوفَانُ، فَضَحِكَ بِشْرٌ، فَأَنْشَأَ سُرَاقَةُ يَقُولُ:
دَعَا الرَّحْمَنَ بِشْرٌ فَاسْتَجَابَا ... لِدَعْوَتِهِ فَأَسْقَانَا السَّحَابَا،
وَكَانَ دُعَاءُ بِشْرٍ صَوْبَ غَيْثٍ ... يُعَاشُ بِهِ وَيُحْيِي مَا أَصَابَا،
أَغَرُّ بِوَجْهِهِ نُسْقَى وَنُحْيَى ... وَنَسْتَجْلِي بِغُرَّتِهِ الضِّبَابَا.

الصفحة 196