كتاب مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

465 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: حَجَجْتُ فَمَرَرْتُ بِالْمَدِينَةِ فَوَافَقْتُ بِهَا سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَجَاءَ سَعِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَعْدِنِي عَلَى مُوسَى شَهَوَاتٍ هَجَانِي، فَقَامَ سَعِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ حَتَّى جَلَسَ مَعَهُ مَجْلِسَ الْخَصْمِ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَهْجُهُ وَلَكِنَّهُ مَدَحَنِي، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أَنْشِدُونِي مَا قَالَ، فَأَنْشَدُوهُ، فَقَالَ: مَا أَسْمَعُهُ هَجَاكَ، ثُمَّ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: ارْفَعْ حَوَائِجَكَ فَرَفَعَ إِلَيْهِ فِيهَا أَلْفَ أَلْفٍ فَأَمَرَ لَهُ بِهَا فَاسْتَكْثَرَهَا الْقَهْرَمَانُ، فَجَاءَ يُوامِرُ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ: أَرَدْتَ أَنْ تُبَخِّلَنِي؟ أَوَ أَسْتَكْثِرُهَا لِفَتًى مِنْ قُرَيْشٍ.
466 - وَأَخْبَرَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْقَاسِمِ الأُوَيْسِيِّ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قَدِمَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ، وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا، فَحَيَّاهُ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ فَحَيَّاهُ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ فَحَيَّاهُ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ الرَّابِعَةَ فَتَأَذَّى بِهِ سُلَيْمَانُ، وَقَالَ:
وَشِفَاءٌ مِنْ الْمَعِيشَةِ كُورٌ ... فَوْقَ أَصْلاَبِ بَازِلٍ خَنْشَلِيلِ
فَاتِحًا فَاكَ لِلْمَعِيشَةِ تَلْقَى ... كُلَّ يَوْمٍ عَلَى شِرَاكِ سَبِيلِ
قَالَ السَّهْمِيُّ: أَمَا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِسَدِّ ذَلِكَ الْفَمُ، وَحَلِّ ذَلِكَ الرَّحْلِ، وَكَشْفِ ذَلِكَ الْغَمِّ لأَنْتَ. قَالَ سُلَيْمَانُ: أَمَا وَاللَّهِ لأَصِلَنَّ رَحِمَكَ وَلأَعُودَنَّ لَكَ إِلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَأَخْبَرَنِي الْحَكَمُ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ الْبَيْتَيْنِ.

الصفحة 200