كتاب مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

481 - أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الأُمَوِيِّ، قَالَ: دَخَلَ كُثَيِّرٌ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَرْضٌ لَكَ يُقَالَ لَهَا غُرَّبٌ، رُبَّمَا أَتَيْتُهَا وَخَرَجْتُ إِلَيْهَا بِوَلَدِي وَعِيَالِي، فَأَصَبْنَا مِنْ رُطَبِهَا وَمِنْ تَمْرِهَا شِرَاءً مَرَّةً، وَطُعْمَةً مَرَّةً، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُعْرِيَنِيهَا فَعَلَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: ذَاكَ لَكَ، فَنَدَّمَهُ النَّاسُ، وَقَالُوا: أَنْتَ شَاعِرُ الْخَلِيفَةِ وَلَكَ مِنْهُ مَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ، هَلاَّ كُنْتَ سألْتَهُ الأَرْضَ قَطِيعَةً؟ فَأَتَى الْوَلِيدَ، فَقَالَ: إِنَّ لِي إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَاجَةً، قَالَ: إِنَّكَ لاَ تَسْتَمْكِنُ مِنْهُ، إِنَّمَا يُؤْتَى بِرْذَوْنُهُ فَيَرْكَبُهُ إِذَا انْصَرَفَ عَنْ مَكَّةَ، وَكَانَ بِمَكَّةَ. قَالَ: أَجْلِسْنِي قَرِيبًا مِنْ الْبِرْذَوْنِ، فَأَجْلَسَهُ قَرِيبًا مِنْهُ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى الْبِرْذَوْنِ قَامَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِيهِ، وَعَرَفَ أَنَّ لَهُ حَاجَةً، فَقَالَ:
جَزَتْكَ الْجَوَازِيَ عَنْ صَدِيقِكَ نَضْرَةً ... وَأَدْنَاكَ رَبِّي فِي الرَّفِيقِ الْمُقَرَّبِ
فَإِنَّكَ لاَ تُعْطِي عَلَيْكَ ظُلاَمَةٌ ... عَدُوًّا وَلاَ تَأْبَى مِنْ الْمُتَقَرِّبِ
وَإِنَّكَ مَا تَمْنَعُ فَإِنَّكَ مَانِعٌ ... بِحَقٍّ وَمَا أَعْطَيْتَ لَمْ يُتَعَقَّبِ
قَال َ: لَعَلَّكَ أَرَدْتَ غُرَّبًا؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: اكْتُبُوا لَهُ بِهَا كِتَابًا، فَفَعَلُوا.

الصفحة 208