كتاب المنامات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

38 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَتْ: كَانَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ جَلِيسًا لَنَا, وَكَانَ نِعْمَ الْجَلِيسُ, قَالَتْ: فَمَاتَ فَرَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ, فَقُلْتُ لَهُ: أَبَا الْمِقْدَامِ إِلاَمَ صِرْتُمْ؟ قَالَ: إِلَى خَيْرٍ وَلَكِنَّا فَزِعْنَا بَعْدَكُمْ فَزْعَةً ظَنَنَّا أَنَّ الْقِيَامَةَ قَامَتْ, قَالَتْ: قُلْتُ: وَفِيمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: دَخَلَ الْجَرَّاحُ وَأَصْحَابُهُ بِأَثْقَالِهِمُ الْجَنَّةَ بِأَفْعَالِهِمْ حَتَّى ازْدَحَمُوا عَلَى بَابِهَا.
39 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الأَزْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: كَانَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ لِي أَخَا وَصَدِيقًا, فَقُلْتُ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: أَيُّنَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَلْيَأْتِ صَاحِبَهُ فَلْيُخْبِرْهُ بِالَّذِي صَارَ إِلَيْهِ, قَالَ: فَمَاتَ مُوَرِّقٌ فَرَأَتْ أَهْلِي فِي مَنَامِهَا كَأَنَّ مُوَرِّقًا أَتَانَا كَمَا كَانَ يَأْتِي وَقَرَعَ الْبَابَ كَمَا كَانَ يَقْرَعُ, قَالَتْ: فَقُمْتُ فَفَتَحْتُ لَهُ كَمَا كُنْتُ أَفْتَحُ, فَقُلْتُ: ادْخُلْ أَبَا الْمُعْتَمِرِ, الآنَ يَأْتِي أَخُوكَ جَمِيلٌ, قَالَ: فَقَالَ: كَيْفَ أَدْخُلَ وَقَدْ ذُقْتُ الْمَوْتَ, إِنَّمَا جِئْتُ لأعْلِمَ جَمِيلاً بِمَا صَنَعَ اللَّهُ بِي, أَعْلِمِيهِ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَنِي مِنَ الْمُقَرَّبِينَ.
40 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي مُعَلَّى بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ فِي مَنَامِي مُشْرِقَ اللَّوْنِ شَدِيدَ بَيَاضِ الْوَجْهِ, تَبْرُقُ مَجَارِيَ دُمُوعِهِ مِنْ شِدَّةِ بَيَاضِهَا عَلَى سَائِرِ وَجْهِهِ, قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَلَسْتَ عِنْدَنَا مِنَ الْمَوْتَى؟ قَالَ: بَلَى, قَالَ: قُلْتُ: فَمَاذَا صِرْتَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الآخِرَةِ, فَوَاللَّهِ لَقَدْ طَالَ حَزَنُكَ وَبُكَاؤُكَ أَيَّامَ الدُّنْيَا, قَالَ: فَقَالَ مُبْتَسِمًا: رَفَعَ اللَّهُ لَنَا ذَلِكَ الْحَزَنَ وَالْبُكَاءَ, عَلِمَ الْهِدَايَةَ إِلَى طَرِيقِ مَنَازِلِ الأَبْرَارِ, فَحَلَلْنَا بِثَوَابِهِ مَنَازِلَ الْمُتَّقِينَ, وَأَيْمُ اللهِ إِنَّ ذَلِكَ الأَمْرَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْنَا, قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَاذَا تَأْمُرُنِي بِهِ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ قَالَ: مَا آمُرُكَ بِهِ: أَطْوَلُ النَّاسِ حَزَنًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ فَرَحًا فِي الآخِرَةِ.

الصفحة 223