كتاب المنامات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

51 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الرَّاسِبِيُّ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنِي ابْنُ ثَعْلَبَةَ، وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ قَالَ: رَأَيْتُ ضَيْغَمًا فِي مَنَامِي بَعْدَ وَفَاتِهِ فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ ثَعْلَبَةَ أَمَا صَلَّيْتَ عَلَيَّ؟ قَالَ: فَذَكَرْتُ عِلَّةً كَانَتْ, فَقَالَ: أَمَا لَوْ كُنْتَ صَلَّيْتَ عَلَيَّ لَقَدْ كُنْتُ رَبِحْتُ رَأْسَكَ رفعت في عليين .
52 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ مَرْحُومٍ الْعَطَّارُ، حَدَّثتني عَبْدَةُ بِنْتُ أَبِي شَوَّالٍ، وَكَانَتْ مِنْ خِيَارِ إِمَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَكَانَتْ تَخْدُمُ رَابِعَةَ قَالَتْ: كَانَتْ رَابِعَةُ، تُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ, فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ هَجَعَتْ فِي مُصَلاَهَا هَجْعَةً خَفِيفَةً حَتَّى يُسْفِرَ الْفَجْرُ, فَكُنْتُ أَسْمَعُهَا تَقُولُ إِذَا وَثَبَتْ مِنْ مَرْقَدِهَا ذَلِكَ وَهِيَ فَزْعَةٌ: يَا نَفْسُ كَمْ تَنَامِينَ, وَإِلَى كَمْ تَقُومِينَ, يُوشِكُ أَنْ تَنَامِي نَوْمَةً لاَ تَقُومِينَ بَعْدَهَا إِلاَّ لِصَرْخَةِ يَوْمِ النُّشُورِ, قَالَتْ: فَكَانَ هَذَا دَأْبُهَا دَهْرُهَا حَتَّى مَاتَتْ, فَلَمَّا حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ دَعَتْنِي فَقَالَتْ: يَا عَبْدَةُ لاَ تُؤْذِنِي بِمَوْتِي أَحَدًا, وَكَفِّنِينِي فِي جُبَّتِي هَذِهِ, جُبَّةٌ مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ تَقُومُ فِيهَا إِذَا هَدَأَتِ الْعُيُونُ, قَالَتْ: فَكَفَّنَّاهَا فِي هَذِهِ الْجُبَّةِ وَخِمَارٍ صُوفٍ كَانَتْ تَلْبَسُهُ, قَالَتْ عَبْدَةُ: فَرَأَيْتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فِي مَنَامِي وَعَلَيْهَا حُلَّةُ إِسْتَبْرَقٍ خَضْرَاءَ, وَخِمَارٌ مِنْ سُنْدُسٍ أَخْضَرَ لَمْ أَرْ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ, فَقُلْتُ: يَا رَابِعَةُ مَا فَعَلَتِ الْجُبَّةُ الَّتِي كَفَّنَّاكِ فِيهَا وَالْخِمَارُ الصُّوفُ؟ قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللَّهِ نُزِعَ عَنِّي, وَأُبْدِلْتُ بِهِ هَذَا الَّذِي تَرَيْنَهُ عَلَيَّ, وَطُوِيَتْ أَكْفَانِي وَخُتِمَ عَلَيْهَا وَرُفِعَتْ فِي عِلِّيِّينَ لِيَكْمُلَ لِي بِهَا ثَوَابُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ, قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: لِهَذَا كُنْتِ تَعْمَلِينَ أَيَّامَ الدُّنْيَا؟ فَقَالَتْ: وَمَا هَذَا مِنْ كَرَامَةِ اللهِ لاِوْلِيَائِهِ, قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَمَا فَعَلَتْ عَبْدَةُ بِنْتُ أَبِي كِلاَبٍ؟ فَقَالَتْ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ سَبَقَتْنَا وَاللَّهِ إِلَى الدَّرَجَاتِ الْعُلَى, قَالَتْ: قُلْتُ: وَبِمَ وَقَدْ كُنْتِ عِنْدَ النَّاسِ أَكْرَمَ مِنْهَا؟ قَالَتْ: إِنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ أَصْبَحَتْ مِنَ الدُّنْيَا وَأَمْسَتْ, قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَمَا فَعَلَ أَبُو مَالِكٍ, تَعْنِي ضَيْغَمًا, قَالَتْ: يَزُورُ اللَّهَ مَتَى شَاءَ, قَالَتْ: قُلْتُ: فَمَا فَعَلَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ؟ قَالَتْ: بَخٍ بَخٍ, أُعْطِيَ وَاللَّهِ فَوْقَ مَا كَانَ يَأْمُلُ, قَالَتْ: فَمُرِينِي بِأَمْرٍ أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, قَالَتْ: عَلَيْكِ بِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ أُوشِكُ أَنْ تَغْتَبِطِي بِذَلِكَ فِي قَبْرِكِ.

الصفحة 226