كتاب المنامات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو يَعْقُوبَ بْنُ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ، مِنْ مَوَالِينَا, قَالَ مُحَمَّدٌ: ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّيْخَ فَسَأَلْتُهُ, فَحَدَّثَنِي بِهِ قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا مَعَ قَوْمٍ فَتَذَاكَرْنَا أَمْرَ عَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ, رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ, فَكَأَنِّي نِلْتُ مِنَ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ رَأَيْتُ فِيَ مَنَامِي كَأَنِّي انْتَهَيْتُ إِلَى صَحْرَاءَ وَاسِعَةٍ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ عُرَاةٌ, رُؤُوسُهُمْ رُؤُوسُ الْكِلاَبِ وَأَجْسَادُهُمْ أَجْسَادُ النَّاسِ مُقَطَّعِي الأَيْدِي وَالأَرْجُلِ مِنْ خِلاَفٍ, فِيهِمْ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ, فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا أَوْحَشَ مِنْهُ, فَامْتَلأتُ رُعْبًا وَفَزَعًا, قلت: مِنْ هَؤُلاَءِ؟, قِيلَ: هَؤُلاَء اللذين يشتمون أصحاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, مَا بَالُ هَذَا مِنْ بَيْنِهِمْ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ؟ قِيلَ: هَذَا أَغْلاَهُمْ فِي شَتْمِ عَلِيٍّ, رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ دُفِعَ لِي بَابٌ قَدْ جِئْتُهُ, فَإِذَا دَرَجَةٌ صَعَدْتُهَا إِلَى مَوْضِعٍ وَاسِعٍ, فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ حَوَالَيْهِ جَمَاعَةٌ, فَقِيلَ لِي: هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَدَنَوْتُ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ, فَجَذَبَ يَدَهُ مِنْ يَدَيَّ وَغَمَزَ يَدَيَّ غَمْزَةً شَدِيدَةً وَقَالَ: تَعُودُ، فَذَكَرْتُ مَا كُنْتُ قُلْتُ فِي الزُّبَيْرِ فَقُلْتُ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ لاَ أَعُودُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ, قَالَ: فَالْتَفَتَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى رَجُلٍ خَلْفَهُ فَقَالَ: يَا زُبَيْرُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ لاَ يَعُودُ, فَأَقْبَلَ, قَالَ: قَدْ أقْلَتُّهُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: فَأَخَذْتُ يَدَهُ فَجَلَعْتُ أُقَبِّلُهَا وَأَبْكِي وَأَضَعُهَا عَلَى صَدْرِي, قَالَ: فَانْتَبَهْتُ وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي أَجِدُ بَرْدَهَا فِي ظَهْرِي.

الصفحة 259