كتاب المنامات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

204 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنِي فَرَجٌ الروي الصُّوفِيُّ أَبُو الْفَتْحِ، وَكَانَ غَزَا بِقَزْوِينَ أَوْ أَقَامَ بِعَبَادَانَ بِهَلَثَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ سَنَةً قَالَ: أَرْقُبَ لَيْلَةً بِهَلَثَا فَكُنْتُ أُكَبِّرُ فَغَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ وَوَجْهِي نَاحِيَةَ الْيَمِينِ فَإِذَا أَنَا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ الإنْسَانِ لَهُ عَيْنَانِ وَفَمٌ وَأُذُنَانِ وَلِحْيَةٌ بَيْضَاءُ كَأَنَّهَا الْبُرْدُ وَلَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ وَلاَ وَجْهًا أَعْظَمَ وَلاَ أَكْبَرَ مِنْهُ, فَكَأَنِّي كَبَّرْتُ وَكَبَّرَ مَعِي فَمَلاَ صَوْتُهُ الدُّنْيَا فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْهُ, فَقُلْتُ لِرَجُلٍ إِلَى جَانِبِي مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَلاَ تَعْرِفُ هَذَا؟ قُلْتُ: لاَ, قَالَ: هَذَا أَبُو خَالِدٍ, قُلْتُ: مَنْ أَبُو خَالِدٍ؟ قَالَ: الْبَحْرُ, فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إِذَا كَبَّرْتَ كَبَّرَ, وَإِذَا كَبَّرْتَ كَبَّرَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ وَالْمِيَاهِ وَالثَّرَى حَتَّى هَذِهِ الأَعْوَادُ وَهَذَا الصَّخْرُ الَّذِي فِيهِ هَذِهِ الْمَنَارَةُ وَجَمِيعُ سَاكِنِي ضَرْبٍ مِنْ ضُرُوبِ الْخَلْقِ فَنَظَرْتُ وَرَائِي مِنْ بحارٍ مِنَ التَّسْبِيحِ, عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ يَدُورُونَ حَوْلَهَا يُكَبِّرُونَ, فَلاَ تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى تُوَافِيَ الْقِيَامَةَ, ثُمَّ تُكَبِّرُ فَانْتَبَهْتُ وَمَا أَجِدُ شَيْئًا مِمَّا أَرْقُبُ لَهُ قَالَ: فَسَأَلْتُهُ: هَلْ رَأَيْتَ لَهُ بَدَنًا أَوْ حِلْيَةً تُعَرِّفُهَا قَالَ: لاَ أَذَكَرُ إِلاَّ وَجْهَهُ بِلاَ بَدَنَ وَلاَ يَدَ هُوَ آدَمُ شَدِيدُ الأَدَمَةِ.

الصفحة 269