كتاب المنامات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

315 - حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنِ الْفُرَاتِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ إِلَيْهِ وَهُوَ عَلَى خَرَاجِ الْجَزِيرَةِ: إِنِّي أَحْسِبُنِي لِمَا بِي, وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ تَحْضُرَنِيَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ لاَ يَبْلُغُ مِنْكَ مَشَقَّةً, فَرَكِبَ إِلَيْهِ مَيْمُونٌ وَمَعَهُ ابْنُهُ, حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَعْضِ السِّكَكِ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ فَسَمِعَ فَرَانِقًا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ إِنْ كَانَ هَذَا الشَّيْخُ صَدَقَ فِي رُؤْيَاهُ لَقَدْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي, قُلْتُ: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ, قَالَ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ, قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَتَدْرِي أَيْنَ مَنْزِلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ وَأَمَرْتُ ابْنِي أَنْ يَفْرُغَ مِنْ رَاحِلَتِهِ إِلَى أَنْ يُصَلِّيَ الضُّحَى, فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فِي مَسْجِدِهِ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ فَأَجَابْتَنِي امْرَأَةٌ وَهِيَ عَجُوزٌ مَوْسُومَةٌ بِالْخَيْرِ, وَقَالَتْ: مَا حَاجَتُكَ؟ قُلْتُ: حَاجَتِي إِلَى هَذَا الْكَهْلِ الصَّالِحِ أَسْأَلُهُ عَنْ رُؤْيَا ذُكِرَتْ لِي, فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتَ أَنْبَأْنَاكَ بِهَا, قَالَ: السَّاعَةُ السَّاعَةُ, فَقُلْتُ: أَجَلْ فَذَكَرْتُ أَنَّهُ لَمَّا صَلَّى الضُّحَى رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى ظَهْرِ مَسْجِدِهِ فَانْتَبَهْتُ فَزِعًا, فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ آنِفًا ابْنِي فُلاَنًا, وَكَانَ اسْتُشْهِدَ بِأَرْضِ الرُّومِ عَلَى أَحْسَنِ صُورَةٍ كَانَ يَكُونُ عَلَيْهَا, فَقُلْتُ: يَا بُنَيَّ أَلَمْ تَكُنْ قَدْ مُتَّ قَالَ: اسْتُشْهِدْتُ فَأَنَا مَعَ الأَحْيَاءِ الْمَرْزُوقِينَ, قَالَ: قُلْتُ: ... مَا جِئْتَ؟ قَالَ: تُوُفِّيَ عُمَرُ اللَّيْلَةَ, فَنَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنِ انْهَضْ أَيُّهَا الشَّيْخُ, قَالَ: قَدْ حَفِظَتْهُ الرُّؤْيَا, ثُمَّ تَلاَ {أَفَرَأَيْتَ إِنَّ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ, مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}, ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاَتِهِ, وَمَا كَلَّمَنِي بِكَلِمَةٍ غَيْرِهَا, فَمَضَيْتُ فَلَمْ أُدْرِكْ عُمَرَ.

الصفحة 299