كتاب من عاش بعد الموت لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

17 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، حَدَّثَنَا بَشِيرٌ أَبُو الْخَصِيبِ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً مُوسِرًا تَاجِرًا، وَكُنْتُ أَسْكُنُ مَدَائِنَ كِسْرَى وَذَلِكَ فِي زَمَانِ طَاعُونِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَأَتَانِي أَجِيرٌ لِي يُدْعَى أَشْرَفَ، فَقَالَ: إِنَّ هَاهُنَا فِي بَعْضِ خَانَاتِ الْمَدَائِنِ رَجُلاً مَيِّتًا لَيْسَ يُوجَدُ لَهُ كَفَنٌ، قَالَ: فَمَضَيْتُ عَلَى دَابَّتِي حَتَّى دَخَلْتُ ذَلِكَ الْخَانَ، فَدُفِعْتُ إِلَى رَجُلٍ مَيِّتٍ، عَلَى بَطْنِهِ لَبِنَةٌ، وَحَوْلَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَذَكَرُوا مِنْ عِبَادَتِهِ وَفَضْلِهِ، قَالَ: فَبَعَثْتُ إِلَى كَفَنٍ يُشْتَرَى لَهُ، وَبَعَثْتُ إِلَى حَافِرٍ يَحْفِرُ قَبْرًا، قَالَ: وَهَيَّأْنَا لَهُ لَبِنًا وَجَلَسْنَا نُسَخِّنُ لَهُ الْمَاءَ لِنَغْسِلَهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ وَثَبَ الْمَيِّتُ وَثْبَةً نَدَرَتِ اللَّبِنَةَ عَنْ بَطْنِهِ، وَهُوَ يُنَادِي بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ تَصَدَّعَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ، قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَأَخَذْتُ بِعَضُدِهِ فَهَزَزْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتَ؟ وَمَا حَالُكَ؟ فَقَالَ: صَحِبْتُ مَشْيَخَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَأَدْخَلُونِي فِي دِينِهِمْ أَوْ قَالَ: فِي رَأْيِهِمْ أَوْ أَهْوَائِهِمْ عَلَى سَبِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُمَا، قَالَ: قُلْتُ: فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلاَ تَعُدْ، فَقَالَ: وَمَا يَنْفَعُنِي وَقَدِ انْطُلِقَ بِي إِلَى مُدْخَلِي مِنَ النَّارِ فَأُرِيتُهُ، ثُمَّ قِيلَ لِي: إِنَّكَ سَتَرْجِعُ إِلَى أَصْحَابِكَ، فَتُحَدِّثُهُمْ بِمَا رَأَيْتَ، ثُمَّ تَعُودُ إِلَى حَالَتِكَ الآولَى، فَمَا أَدْرِي أَنْقَضَتْ كَلِمَتُهُ أَوْ عَادَ مَيِّتًا عَلَى حَالِهِ الآولَى فَانْتَظَرْتُ حَتَّى أُوتِيتُ بِالْكَفَنِ، فَأَخَذْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ: لاَ كَفَّنْتُهُ وَلاَ غَسَّلْتُهُ وَلاَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّ النَّفْرَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ هُمُ الَّذِينَ وَلَوْا غُسْلَهُ، وَدَفَنَهُ، وَالصَّلاَةَ عَلَيْهِ، وَقَالُوا لِقَوْمٍ، سَمِعُوا مِثْلَ الَّذِي سَمِعْتُ وَتَجَنَّبُوا مِثْلَ الَّذِي تَجَنَّبْتُ: مَا الَّذِي اسْتَنْكَرْتُمْ مِنْ صَاحِبِنَا؟ إِنَّمَا كَانَتْ خَطْفَةً مِنَ شَيْطَانٍ تَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِهِ، قَالَ خَلَفٌ: قُلْتُ: يَا أَبَا الْخَصِيبِ، هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثْتَنِي بِمَشْهَدٍ مِنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذُنِي، قَالَ خَلَفٌ: فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَذَكَرُوا خَيْرًا.
- وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ خَلَفِ بْنِ تَمِيمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَسْأَلُ هَذَا الشَّيْخَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ.

الصفحة 319