كتاب من عاش بعد الموت لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

23 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَحْمَدُ بْنُ بُجَيْرٍ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ قَوْمًا، أَقْبَلُوا مِنَ الْيَمَنِ مُتَطَوِّعِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَنَفِقَ حِمَارُ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَأَرَادُوا أَنْ يَنْطَلِقَ مَعَهُمْ فَأَبَى، فَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي جِئْتُ مِنَ الدثينةِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِكِ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ تُحْيِي الْمَوْتَى وَتَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، فَلاَ تَجْعَلْ لاِحَدٍ عَلَيَّ مِنَّةً، وَإِنِّي أَطْلُبُ إِلَيْكَ أَنْ تَبْعَثَ لِي حِمَارِي، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْحِمَارِ فَضَرَبَهُ، فَقَامَ الْحِمَارُ يَنْفُضُ أُذُنَيْهِ فَأَسْرَجَهُ وَأَلْجَمَهُ، ثُمَّ رَكِبَهُ فَأَجْرَاهُ، فَلَحِقَ بِأَصْحَابِهِ فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: شَأْنِي أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ لِي حِمَارِي قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَأَنَا رَأَيْتُ الْحِمَارَ بِيعَ أَوْ يُبَاعُ بِالْكُنَاسَةِ.
24 - أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَرِيكٍ النَّخَعِيِّ، أَنَّ صَاحِبَ الْحِمَارِ رَجُلٌ مِنَ النَّخَعِ، يُقَالُ لَهُ: نُبَاتَةُ بْنُ يَزِيدَ خَرَجَ فِي زَمَنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ غَازِيًا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِشَنِّ عَمِيرَةَ نَفِقَ حِمَارُهُ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَبَاعَهُ بَعْدُ بِالْكُنَاسَةِ، فَقِيلَ لَهُ: تَبِيعُ حِمَارًا أَحْيَاهُ اللَّهُ لَكَ قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ رَهْطِهِ ثَلاَثَةَ أَبْيَاتٍ، فَحَفِظْتُ هَذَا الْبَيْتَ:
وَمِنَّا الَّذِي أَحْيَا الآلَهُ حِمَارَهُ ... وَقَدْ مَاتَ مِنْهُ كُلُّ عُضْوٍ وَمَفْصِلِ.
25 - حَدَّثَنِي أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيُّ، مَوْلَى قُرَيْشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّامِيِّ، قَالَ: غَزَوْنَا الرُّومَ فَعَسْكَرْنَا، فَخَرَجَ مِنَّا نَاسٌ يَطْلُبُونَ أَثَرَ الْعَدُوِّ وَانْفَرَدَ مِنْهُمْ رَجُلاَنِ قَالاَ: فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ لَقِيَنَا شَيْخٌ مِنَ الرُّومِ، يَسُوقُ حِمَارًا لَهُ عَلَيْهِ إِكَافٌ وَبَرْذَعَةٌ، وَخُرْجٌ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْنَا اخْتَرَطَ سَيْفَهُ، ثُمَّ هَزَّهُ فَضَرَبَ حِمَارَهُ، فَقَدَّ الْخُرْجَ وَالآكَافَ وَالْبَرْذَعَةَ وَالْحِمَارَ، حَتَّى وَصَلَ إِلَى الأَرْضِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا: قَدْ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَابْرِزُوا، قَالَ: فَحَمَلْنَا عَلَيْهِ، فَاقْتَتَلْنَا سَاعَةً، فَقُتِلَ مِنَّا رَجُلٌ، ثُمَّ قَالَ: لِلْبَاقِي مِنَّا: هَا قَدْ رَأَيْتَ مَا لَقِيَ صَاحِبُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَرَجَعَ، يُرِيدُ أَصْحَابَهُ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا رَاجِعٌ، إِذْ قُلْتُ لِنَفْسِي: ثَكِلَتْنِي أُمِّي سَبَقَنِي صَاحِبِي إِلَى الْجَنَّةِ وَأَرْجِعُ أَنَا هَارِبًا إِلَى أَصْحَابِي، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَنَزَلْتُ، عَنْ فَرَسِي، وَأَخَذْتُ تِرْسِي وَسَيْفِي، فَمَشَيْتُ إِلَيْهِ فَضَرَبْتُهُ فَأَخْطَأْتُهُ، وَضَرَبَنِي فَأَخْطَأَنِي، فَأَلْقَيْتُ سِلاَحِي وَاعْتَنَقْتُهُ، فَحَمَلَنِي وَضَرَبَ بِيَ الأَرْضَ، وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِي، فَجَعَلَ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا مَعَهُ لِيَقْتُلَنِي، فَجَاءَ صَاحِبِيَ الْمَقْتُولُ فَأَخَذَ بِشَعْرِ قَفَاهُ فَأَلْقَاهُ عَنِّي وَأَعَانَنِي عَلَى قَتْلِهِ، فَقَتَلْنَاهُ جَمِيعًا، ثُمَّ أَخَذْنَا سَلَبَهُ، وَجَعَلَ صَاحِبِي يَمْشِي وَيُحَدِّثُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى شَجَرَةٍ، فَاضْطَجَعَ مَقْتُولاً كَمَا كَانَ، فَجِئْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَجَاؤُوا كُلُّهُمْ حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.

الصفحة 323