كتاب من عاش بعد الموت لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

29 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ، مِنْ بَلْعَمَ يُقَالُ لَهُ: مَعْمَرٌ الْعَمِّيُّ، قَالَ: إِنَّا لَعِنْدَ مَرِيضٍ لَنَا، وَهَذَا سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ، يُقَالُ لَهُ: عَبَّادٌ، نَرَى أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَبَعْضُنَا يَقُولُ: مَاتَ، وَبَعْضُنَا يَقُولُ: عُرِجَ بِرُوحِهِ إِذْ قَالَ، بِيَدِهِ هَكَذَا أَمَامَهُ وَفَرَّجَ بِيَدِهِ: فَأَيْنَ أَبِي؟ فَقَدْتُكُمَا جَمِيعًا، ثُمَّ فَتَحَ عَيْنَيْهِ، قَالَ: فَقُلْنَا: كُنَّا نَرَى أَنَّكَ قَدْ مِتَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَأَيْتُ الْمَلاَئِكَةَ تَطُوفُ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِ النَّاسِ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ مَلَكٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعِبَادِكَ الشُّعْثِ الْغُبْرِ الَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقِ، قَالَ: فَأَجَابَهُ مَلَكٌ آخَرُ بِأَنْ قَدْ غُفِرَ لَهُمْ، فَقَالَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، لَوْلاَ مَا يَأْتِيكُمْ مِنَ النَّاسِ لاَضْرَمْتُ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ نَارًا ثُمَّ، قَالَ: أَجْلِسُونِي، فَأَجْلَسُوهُ، فَقَالَ يَا غُلاَمُ: اذْهَبْ فَجِئْهُمْ بِفَاكِهَةٍ، فَقُلْنَا: لاَ حَاجَةَ لَنَا بِالْفَاكِهَةِ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: لَئِنْ كَانَ رَأَى الْمَلاَئِكَةَ كَمَا يَقُولُ لاَ يَعِيشُ، قَالَ: فَاخْضَرَّتْ أَظَافِيرُهُ مَكَانَهُ، قَالَ: ثُمَّ أَضْجَعْنَاهُ، فَمَاتَ.
30 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، قَالَ: مَرِضْتُ مَرَضًا شَدِيدًا، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْمَوْتُ، فَكَانَ بَابُ بَيْتِي قُبَالَةَ بَابِ حُجْرَتِي، وَكَانَ بَابُ حُجْرَتِي قُبَالَةَ بَابِ دَارِي، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ، ضَخْمِ الْهَامَةِ، ضَخْمِ الْمَنَاكِبِ، كَأَنَّهُ مِنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمْ: الزُّطُّ قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُ شَبَّهْتُهُ بِهَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الرَّبَّ، فَاسْتَرْجَعْتُ وَقُلْتُ: يَقْبِضُنِي وَأَنَا كَافِرٌ قَالَ: وَسَمِعْتُ أَنَّهُ يَقْبِضُ أَنْفَسَ الْكُفَّارِ مَلَكٌ أَسْوَدُ قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْتُ سَقْفَ الْبَيْتِ يَنْتَقِضُ، ثُمَّ انْفَرَجَ حَتَّى رَأَيْتُ السَّمَاءَ، قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ آخَرُ، فَصَارَا اثْنَيْنِ، فَصَاحَا بِالأَسْوَدِ فَأَدْبَرَ وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيَّ مِنْ بَعِيدٍ، قَالَ: وَهُمَا يَزْجُرَانِهِ، قَالَ دَاوُدُ: وَقَلْبِي أَشَدُّ مِنَ الْحِجَارَةِ، قَالَ: فَجَلَسَ وَاحِدٌ عِنْدَ رَأْسِي، وَجَلَسَ وَاحِدٌ عِنْدَ رِجْلَيَّ قَالَ: فَقَالَ صَاحِبُ الرَّأْسِ لِصَاحِبِ الرِّجْلَيْنِ: الْمَسْ، فَلَمَسَ بَيْنَ أَصَابِعِي، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَثِيرَ النَّقْلِ بِهِمَا إِلَى الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الرِّجْلَيْنِ لِصَاحِبِ الرَّأْسِ: الْمَسْ، قَالَ: فَلَمَسَ لَهَوَاتِي، ثُمَّ قَالَ: رَطْبَةٌ بِذِكْرِ اللهِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَمْ يَأْنِ لَهُ بَعْدُ، قَالَ: ثُمَّ انْفَرَجَ السَّقْفُ فَخَرَجَا، ثُمَّ عَادَ السَّقْفُ كَمَا كَانَ.

الصفحة 326