كتاب من عاش بعد الموت لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

43 - ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سُلَيْمٍ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} قَالَ: اخْتَارَ مِنْ صَالِحِيهِمْ سَبْعِينَ رَجُلاً، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ فَقَالُوا: أَيْنَ تَذْهَبُ بِنَا؟ قَالَ: أَذْهَبُ بِكُمْ إِلَى رَبِّي، وَعَدَنِي أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيَّ التَّوْرَاةَ قَالُوا: فَلاَ نُؤْمِنُ بِهَا حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ فَبَقِيَ مُوسَى قَائِمًا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ لَيْسَ مَعَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، قَالَ: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} مَاذَا أَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مَعِي رَجُلٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعِي؟ ثُمَّ قَرَأَ: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فَقَالُوا: هُدْنَا إِلَيْكَ، قَالَ: فَبِهَذَا تَعَلَّقَتِ الْيَهُودُ فَتَهَوَّدَتْ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ.
44 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ، فِي قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} قَالَ: كَانَ أُنَاسٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا وَقَعَ فِيهِمِ الْوَجَعُ ذَهَبَ أَغْنِيَاؤُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ وَأَقَامَ فُقَرَاؤُهُمْ وَسَقْطَتُهُمْ، فَاسْتَحَرَّ الْمَوْتُ عَلَى هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَقَامُوا وَلَمْ يُصِبِ الآخَرِينَ شَيْءٌ، فَلَمَّا كَانَ عَامٌ مِنْ تِلْكَ الأَعْوَامِ قَالُوا: إِنْ أَقَمْنَا كَمَا أَقَامُوا هَلَكْنَا كَمَا هَلَكُوا، وَقَالَ هَؤُلاَءِ: لَوْ ظَعَنَّا كَمَا ظَعَنَ هَؤُلاَءِ نَجَوْنَا كَمَا نَجَوْا، فَأَجْمَعُوا فِي عَامٍ عَلَى أَنْ يَفِرُّوا، فَفَعَلُوا، حَتَّى بَلَغُوا حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغُوا فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمِ الْمَوْتَ حَتَّى صَارُوا عِظَامًا تَبْرُقُ، فَكَنَسَهَا أَهْلُ الدِّيَارِ وَأَهْلُ الطُّرُقِ فَجَمَعُوهَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فَمَرَّ نَبِيٌّ لَهُمْ عَلَيْهِمْ. قَالَ حُصَيْنٌ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: حِزْقِيلُ قَالَ: يَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَحْيَيْتَ هَؤُلاَءِ فَيَعْبُدُوكَ وَيُعَمِّرُوا بِلاَدَكَ وَيَلِدُوا عِبَادَكَ، قَالَ: وَأَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَفْعَلَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: قِيلَ لَهُ: قُلْ كَذَا وَكَذَا، فَتَكَلَّمَ بِأَمْرٍ أُمِرَ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَى الْعِظَامِ تُكْسَى لَحْمًا وَعَصَبًا، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ أُمِرَ بِهِ فَإِذَا هُمْ صِوَرٌ يُكَبِّرُونَ وَيُسَبِّحُونَ وَيُهَلِّلُونَ فَعَاشُوا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَعِيشُوا.

الصفحة 334