كتاب من عاش بعد الموت لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

54 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْعَمِّيُّ، قَالَ: خَرَجَ قَوْمٌ غُزَاةٌ فِي الْبَحْرِ فَجَاءَ شَابٌّ كَانَ بِهِ رَهَقٌ لِيَرْكَبَ مَعَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُمْ حَمَلُوهُ مَعَهُمْ، فَلَقَوْا: الْعَدُوَّ فَكَانَ الشَّابُّ مِنْ أَحْسَنِهِمْ بَلاَءً، ثُمَّ إِنَّهُ قُتِلَ فَقَامَ رَأْسُهُ وَاسْتَقْبَلَ أَهْلَ الْمَرْكَبِ وَهُوَ يَتْلُو: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} ثُمَّ انْغَمَسَ فَذَهَبَ.
55 - ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْهَدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ الْحُدَّانِيُّ، عَنْ خُلَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَصَرِيِّ، قَالَ: خَالِدٌ: فَلَقِيتُ خُلَيْدًا فَحَدَّثَنِي: أَنَّ امْرَأَةً حَدَّثَتْهُ فِي طَاعُونِ الْفَتَيَاتِ قَالَتْ: مَاتَ زَوْجٌ لِي وَهُوَ مَعِي فِي الْبَيْتِ فَلَمْ نَدْفِنْهُ، فَلَمَّا جَنَّنَا اللَّيْلُ سَمِعْنَا صَوْتًا أَذْعَرَنَا وَمَعِيَ ابْنٌ لِي فِيهِ رَهَقٌ، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ مَعِي فِي إِزَارِي وَجَعَلَ الصَّوْتُ يَدْنُو حَتَّى تَسَوَّرَ عَلَيْنَا رَأْسٌ مَقْطُوعٌ وَهُوَ يُنَادِي: يَا فُلاَنُ أَبْشِرْ بِالنَّارِ قَتَلْتَ نَفْسًا مُؤْمِنَةً بِغَيْرِ حَقٍّ، حَتَّى دَخَلَ مِنْ تَحْتِ رِجْلَيْهِ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ وَهُوَ يُنَادِي: ثُمَّ دَخَلَ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ تَحْتِ رِجْلَيْهِ وَهُوَ يُنَادِي: يَا فُلاَنُ أَبْشِرْ بِالنَّارِ ثُمَّ صَعِدَ الْحَائِطَ وَهُوَ يُنَادِي ثُمَّ انْقَطَعَ عَنَّا صَوْتُهُ.
56 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْجُرَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ، فِي مَسْجِدِ الأَشْيَاخِ كَانَ يُحَدِّثُنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ حَوْلَ مَرِيضٍ لَنَا إِذْ هَدَأَ وَسَكَنَ حَتَّى مَا يَتَحَرَّكُ مِنْهُ عِرْقٌ فَسَجَّيْنَاهُ وَأَغْمَضْنَاهُ وَأَرْسَلْنَا إِلَى ثِيَابِهِ وَسِدْرِهِ وَسَرِيرِهِ، فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَحْمِلُهُ لِنُغَسِّلَهُ تَحَرَّكَ فَقُلْنَا: سُبْحَانَ اللهِ سُبْحَانَ اللهِ مَا كُنَّا نَرَاكَ إِلاَّ قَدْ مِتَّ قَالَ: فَإِنِّي قَدْ مِتُّ وَذُهِبَ بِي إِلَى قَبْرِي فَإِذَا إِنْسَانٌ حَسَنُ الْوَجْهِ طَيِّبُ الرِّيحِ قَدْ وَضَعَنِي فِي لَحْدِي وَطَوَاهُ بِالْقَرَاطِيسِ، إِذْ جَاءَتْ إِنْسَانَةُ سَوْدَاءُ مُنْتِنَةُ الرِّيحِ فَقَالَتْ: هَذَا صَاحِبُ كَذَا وَهَذَا صَاحِبُ كَذَا أَشْيَاءُ وَاللَّهِ أَسْتَحْيِي مِنْهَا كَأَنَّمَا أَقْلَعْتُ مِنْهَا سَاعَتَئِذٍ قَالَ: قُلْتُ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ أَنْ تَدَعَنِي وَهَذِهِ قَالَتْ: نُخَاصِمُكَ قَالَ: فَانْطَلَقْنَا إِلَى دَارٍ فَيْحَاءَ وَاسِعَةٍ فِيهَا مِصْطَبَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ فِضَّةٍ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا مَسْجِدٌ وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فَقَرَأَ سُورَةَ النَّحْلِ، فَتَرَدَّدَ فِي مَكَانٍ مِنْهَا فَفَتَحْتُ عَلَيْهِ، فَانْفَتَلَ فَقَالَ: السُّورَةُ مَعَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهَا سُورَةُ النِّعَمِ قَالَ: وَرَفَعَ وِسَادَةً قَرِيبَةً مِنْهُ فَأَخْرَجَ صَحِيفَةً فَنَظَرَ فِيهَا فَبَدَرَتْهُ السَّوْدَاءُ، فَقَالَتْ: فَعَلَ كَذَا وَفَعَلَ كَذَا قَالَ: وَجَعَلَ الْحَسَنُ الْوَجْهِ يَقُولُ: وَفَعَلَ كَذَا وَفَعَلَ كَذَا وَفَعَلَ كَذَا، يَذْكُرُ مَحَاسِنِي قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: عَبْدٌ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ عَنْهُ لَمْ يَجِئْ أَجَلُ هَذَا بَعْدُ، أَجَلُ هَذَا يَوْمَ الآثْنَيْنِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُمُ: انْظُرُوا فَإِنْ مِتُّ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ فَارْجِعُوا لِي مَا رَأَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَمُتْ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ فَإِنَّمَا هُوَ هَذَيَانُ الْوَجَعِ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ صَحَّ حَتَّى حَدَرَ بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ أَتَاهُ أَجَلُهُ فَمَاتَ، وَفِي الْحَدِيثِ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الرَّجُلِ قُلْتُ لِلرَّجُلِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ الطَّيِّبِ الرِّيحِ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، قُلْتُ: فَمَا الإِنْسَانَةُ السَّوْدَاءُ الْمُنْتِنَةُ الرِّيحِ؟ قَالَ: ذَاكَ عَمَلُكَ الْخَبِيثُ أَوْ كَلاَمٌ يُشْبِهُ هَذَا.
آخر الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله أجمعين وعترته الطاهرين وصحابته أجمعين دائما إلى يوم الدين وكان الفراغ من تعليقه يوم الخميس خامس عشر صفر سنة تسع وسبعمئة.
* وفيما يلي حديث زائد على طبعة دار أطلس:
24 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بِخَبَرِهِمْ، وَنَبَتَ عَلَى قُبُورِهِمْ رَيْحَانٌ حَسَنٌ (1).
_حاشية__________
(1) هذا الخبر من طبعتي مؤسسة الكتب الثقافية، وعالم الكتب.

الصفحة 340