كتاب الهم والحزن لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

38 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيِّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ الْحَكَمُ بْنُ حُجَلٍ صَدِيقًا لابْنِ سِيرِينَ، فَلَمَّا مَاتَ مُحَمَّدُ، حَزِنَ عَلَيْهِ حَتَّى جَعَلَ يُعَادُ كَمَا يُعَادُ الْمَرِيضُ، قَالَ: فَحَدَّثَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ أَخِي مُحَمَّدًا، فِي الْمَنَامِ فِي قَصْرٍ، فَقُلْتُ: أَيْ أَخِي، قَدْ أَرَاكَ فِي حَالٍ تَسُرُّنِي فَمَا صَنَعَ الْحَسَنُ؟، قَالَ: رُفِعَ فَوْقِي بِسَبْعِينَ دَرَجَةٍ، قَالَ: قُلْتُ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ وَقَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّكَ أَفْضَلُ مِنْهُ؟ قَالَ: ذَاكَ بِطُولِ حُزْنِهِ.
39 - حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ}، قَالَ: بِهَمِّ الآخِرَةِ.
40 - حَدَّثََنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي مُعَلَّى بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ، فِي مَنَامِي مُشْرِقَ اللَّوْنِ شَدِيدَ بَيَاضِ الْوَجْهِ تَبْرُقُ مَجَارِيَ دُمُوعِهِ مِنْ شِدَّةِ بَيَاضِهَا عَلَى سَائِرِ وَجْهِهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَلَسْتَ عِنْدَنَا مِنَ الْمَوْتَى؟، قَالَ: بَلَى، قَالَ: قُلْتُ: فَمَاذَا صِرْتَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الآخِرَةِ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ طَالَ حُزْنُكَ وَبُكَاؤُكَ فِي أَيَّامِ الدُّنْيَا؟‍‍‍، فَقَالَ مُبْتَسِمًا: رَفَعَ وَاللَّهِ لَنَا ذَلِكَ الْحُزْنُ, وَالْبُكَاءُ عَلِمُ الْهِدَايَةِ إِلَى طَرِيقِ مَنَازِلِ الأبْرَارِ فَحَلَلْنَا بِثَوَابِهِ مَسَاكِنَ الْمُتَّقِينَ وَأَيِّمُ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ الأمْرَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا، قَالَ: فَقُلْتُ: فَمَاذَا تَأْمُرُنِي بِهِ يَا أَبَا سَعِيدٍ؟، قَالَ: مَا آمُرُكَ بِهِ: أَطْوَلُ النَّاسِ حُزْنًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ فَرَحًا فِي الآخِرَةِ.
41 - أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ لي: مسْمَع قَالَ لِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ: لَوْ رَأَيْتَ الْحَسَنَ، لَقُلْتَ: قَدْ بُثَّ عَلَيْهِ حُزْنُ الْخَلائِقِ مِنْ طُولِ تِلْكَ الدَمْعَةِ وَكَثْرَةِ ذَلِكَ النَشِيجِ وَلَوْ رَأَيْتَ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ، لَقُلْتَ مُثكل.

الصفحة 352