كتاب الهم والحزن لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

62 - حدثني أبو جعفر الصيرفي, قال: حدثني علي بن بزيع الهلالي قال: قال مطر الوراق: ما اشتهيت أن أبكي قط حتى أشتفي إلا نظرت إلى وجه محمد, محمد بن واسع، وكنت إذا نظرت إلى وجهه كأنه قد ثكل عشرة من الحزن.
63 - حدثني أبو موسى، عن سيار، عن جعفر بن سليمان قال: كنت إذا وجدت من قلبي قسوة غدوت فنظرت إلى وجه محمد بن واسع، وكنت إذا رأيت وجهه كأنه وجه ثكلى.
64 - حدثني محمد بن قدامة الجوهري, قال: قيل لبعض الرهبان: ما أخرجك من لبس الثياب البياض إلى ثياب السواد؟ قال: إنما الدنيا مأتم، وإنما يلبس فيه ما شاكله.
65 - وحدثني محمد بن الحسين، عن بعض أصحابه قال: سئل بعض الرهبان عن ذلك فقال: هو غاية الحزن.
66 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثني موسى بن عيسى, قال: حدثني الوليد بن مسلم أنه رأى رجلا دنس الهيئة دسم الثياب, قال الوليد: فقلت له: ما لي لا أرى عليك زي أهل الإسلام؟ قال: وما أنكرت من ذلك؟ لعلك تريد حسن الخضاب، ونقاء الثوب، قلت: نعم، فبكى وقال: كيف سيتبين حزني على مصيبتي فيما سلفت من ذنوبي والشاهد الله عز وجل, قال: وغشي عليه.
67 - حدثني محمد بن الحسين, قال: حدثني أحمد بن سهل الأردني، حدثني عباد بن عباد أبو عتبة الخواص قال: رأيت شيخا في بيت المقدس كأنه قد احترق بالنار، عليه مدرعة سوداء وعمامة سوداء، طويل الصمت، كريه المنظر، كثير الشعر، شديد الكآبة، فقلت: رحمك الله، لو غيرت لباسك هذا، فقد علمت ما جاء في البياض، فبكى وقال: هذا أشبه بلباس أهل المصيبة، فإنما أنا وأنت في الدنيا في حداد، وكأني بي وبك قد دعينا, قال: فما أتم كلامه حتى غشي عليه.

الصفحة 356