كتاب الهم والحزن لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

109 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخبرنَا عَلِيَّ بْنَ بَزِيعٍ الْهِلالِيَّ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الْهُجَيْمِيِّ، قَالَ: قَالَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ: إِلَهِي خَلَقْتَنِي وَلَمْ تُؤَامِرْنِي فِي خَلْقِي وَخَلِقْتَ مَعِي عَدُوًّا، وَجَعَلْتَهُ يَجْرِي مِنِّي مَجْرَى الدَّمِ وَجَعَلْتَهُ يَرَانِي، وَلا أَرَاهُ، ثُمَّ قُلْتَ لِي اسْتَمْسِكْ، إِلَهِي: كَيْفَ أَسْتَمْسِكُ بِأنْ لَمْ تُمْسِكْنِي إِلَهِي فِي الدُّنْيَا الْغُمُومُ وَالأحْزَانُ وَفِي الآخِرَةِ الْعِقَابُ وَالْحِسَابُ فَأَيْنَ الرَّاحَةُ وَالْفَرَحُ؟.
110 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزَّاهِدَ، يَقُولُ: إِلَهِي غَيَّبَتَ عَنِّي أَجَلِي وَأَحْصَيْتَ عَلَيَّ عَمَلِي، وَلا أَدْرِي إِلَى أَيِّ الدَّارَيْنِ تَبْعَثُنِي، فَقَدْ أَوْقَفْتَنِي مَوَاقِفَ الْمَحْزُونِينَ أَبَدًا مَا أَبْقَيْتَنِي.
111 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُسْمَعِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَابِدًا مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، قُلْتُ: مَا بَالُ الْحَزِينِ يُجِيبُهُ قَلْبُهُ إِذَا شَاءَ وَتَهْطُلُ عَيْنَاهُ عِنْدَ كُلِّ حَرَكَةٍ؟، قَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنَّ الْحَزِينَ بَدَا بِهِ الْحُزْنُ، فَجَالَ فِي بَدَنِهِ، فَأَعْطَى كُلَّ عُضْوٍ بقِسْطِهِ، ثُمَّ إِلَى الْقَلْبِ وَالرَّأْسِ، فَسَكَنَهُمْ، فَمَتَى جَرَى الْقَلْبُ بِشَيْءٍ تَحرك فَهَاجَتِ الْحُرَقَةُ صَاعِدَةً، فَاسْتَثَارَتِ الدُّمُوعَ مِنْ شُئُونِ الرَّأْسِ حَتَّى تُسَلِّمَهَا إِلَى الْعَيْنِ فَتَذْرِيهَا حينئذٍ الْجُفُونَ، ثُمَّ خَنَقَتْهُ عَبْرَتُهُ فَقَامَ.
112 - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرَاثِيُّ: لا تَنْدُ الْعَيْنُ حَتَّى يَحْتَرِقَ الْقَلْبُ، فَإِذَا احْتَرَقَ الْقَلْبُ تَلَهَّبَ شُعْلَةً، فَهَاجَ إِلَى الرَّأْسِ دُخَانُهُ، فَاسْتَنْزَلَ الدُّمُوعَ مِنَ الشُّئُونِ إِلَى الْعَيْنِ فَسجمتهُ.

الصفحة 365