كتاب الهم والحزن لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

150 - وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الأُرْدُنِّيُّ، قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى رَاهِبٍ فِي جَبَلِ الأسْوَدِ، فَنَادَيْتُهُ يَا رَاهِبُ، يَا رَاهِبُ فَأَشْرَفَ عَلَيَّ مِنْ قَلْعَةٍ، فَقُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ تُسْتَجَرُ الأحْزانُ؟ قَالَ: بِطُولِ الْغُرْبَةِ، وَمَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَجْلُبُ لِدَوَاعِي الأحْزَانِ مِنْ أَوْكَارِهَا مِنْ طُولِ الْوَحْشَةِ وَالْوَحدة.
151 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عن يعقوب, عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِحُزْنِهِ إِذَا النَّاسُ يَفْرَحُونَ، وَبِبُكَائِهِ إِذَا النَّاسُ يَضْحَكُونَ.
152 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: وُصِفَ أَهْلُ الْجَنَّةِ بالبكاء والحزن, والوجل والخوف والشفقة, ووصِفَ أَهْلُ النار بِالضَّحِكِ وَالسُّرُورِ، وَالْتَفَكُّهِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ حُلْوَاتِ الدُّنْيَا مَرَارَاتُ الآخِرَةِ، وَمَرَاراتِ الدُّنْيَا حُلْوَاتُ الآخِرَةِ.
153 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ ذَكْوَانَ، قَالَ: حَزِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُزْنًا شَدِيدًا، فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُلْقَى حَزِينًا، وَكَانَ يَقُولُ: مَا هَبَّتِ الصَّبَا إِلاَّ ذَكَرْتُ زَيْدًا.
154 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى، مَوْلَى أَكْتَلِ بْنِ شَمَّاخٍ الْعُكْلِيِّ، عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: رَحِمَ اللَّهُ زَيْدًا هَاجَرَ قَبْلِي، وَاسْتُشْهِدَ قَبْلِي، مَا هَبَّتِ الرِّيَاحُ مِنْ تِلْقَاءِ الْيَمَامَةِ إِلاَّ أَتَتْنِي بِرِثَاهُ، وَلا ذَكَرْتُ قَوْلَ مُتَمَّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ، إِلاَّ ذَكَرْتُهُ، وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدٍ: إِلاَّ هَاجَ لِي شَجَنًا:
وَكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَةً ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَّدعَا
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا

الصفحة 374