كتاب الهم والحزن لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

155 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْوَرَّاقُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الأسْلَمِيِّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ: مَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِكِ عَلَى أَخِيكَ؟ قَالَ: لَقَدْ مَكَثْتُ سَنَةً مَا أَنَامُ اللَّيْلَ حَتَّى أُصْبِحَ، وَلا رَأَيْتُ نَارًا رُفِعَتْ بِلَيْلٍ إِلاَّ ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسِي سَتَخْرُجُ أَذْكُرُ بِهَا أَخِي، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالنَّارِ تُوقَدُ حَتَّى يَصِيحَ مَخَافَةَ أَنْ يَبِيتَ ضَيْفُهُ قَرِيبًا مِنْهُ، فَمَتَى يَرَى النَّارَ يَأْوِي إِلَى الرَّجُلِ، وَهُوَ بِالضَّيْفِ يَأْتِي مُتَهَجِّرًا أَسَرَّ مِنَ الْقَوْمِ يُقْدِمُ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّفَرِ الْبَعِيدِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَكْرِمْ بِهِ.
156 - وحَدَثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِمُتَمِّمِ: مَا أَشَدُّ مَا لَقِيتَ عَلَى أَخِيكَ مِنَ الْحُزْنِ؟ قَالَ: كَانَتْ عَيْنِي هَذِهِ قَدْ ذَهَبَتْ، وَأَشَارَ إِلَيْهَا فَبَكَتْ بِالصَّحِيحَةِ، فَأَكْثَرْتُ الْبُكَاءَ حَتَّى أَسْعَدَتْهَا الْعَيْنُ الذَّاهِبَةُ، وَخَرَّتْ بِالدُّمُوعِ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا لَحُزْنٌ شَدِيدٌ.
158 - وأَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: كَانَ مَعَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ بِالْيَمَامَةِ فَقَدِمَ بَعْدَ قَتَلِ زَيْدٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ: خَلَّفْتُ زَيْدًا، ثَاوَيًا وَأَتَيْتَنِي.

الصفحة 375