كتاب الهم والحزن لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

187 - وحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ، قَالَ: الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنُ، يَقُولُ: وَاللَّهِ، إِنْ أَصْبَحَ فِيهَا مُؤْمِنٌ إِلاَّ حَزِينًا، وَكَيْفَ لا يَحْزَنُ الْمُؤْمِنُ، وَقَدْ جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ وَارِدُ جَهَنَّمَ، وَلَمْ يَأْتِهِ أَنَّهُ صَادِرٌ عَنْهَا، وَاللَّهِ لَيَرَيَنَّ فِي دِينِهِ مَا يُحْزِنَهُ، وَلَيَرَيَّنَ فِي دُنْيَاهُ مَا يُحْزِنَهُ، وَلْيُظْلَمَنَّ فَمَا يَنْتَصِرُ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ فِيهَا حَزِينٌ مَا دَامَ فِيهَا، فَإِذَا فَارَقَهَا يَعْنِي عَادَ إِلَى الرَّاحَةِ وَالْكَرَامَةِ.
188 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَمِيديُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، يَقُولُ: إِنَّ أَقَلَّ النَّاسِ هَمًّا فِي الآخِرَةِ أَقَلُّهُمْ هَمًّا بِالدُّنْيَا.
189 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: كَانَ عَطَاءُ الأزْرَقُ إِذَا لَقِينَا قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ الْهَمَّ مِنَّا وَمِنْكُمُ الآخِرَةَ.
190 - حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْفُرَاتِ بْنِ سَلْمَانَ, قال: قال الْحَسَنُ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا مَسَرَّةً واليسر لا يَزِيدُ الرَّجُلُ إلا خيرًا ولَيْسَ مِنْ جرب كَمَنْ لَمْ يَجرب، فَالنَّاسُ الْيَوْمَ يذهبون سفالا سفالا قَلَّتِ الأمَانَةُ، وَاشْتَدَّ الشُّحُّ، وَفَشَتِ الْقَطِيعَةُ، وَظَهَرَتِ الْبِدَعُ، وَتُرِكَتِ السُّنَنُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ, والله ما من رَجُلُ الْيَوْمِ بَصِيرٌ بِهَذَا الدِّينِ يَضَعُ بَصَرَهُ إِلاَّ وَهُوَ مَحْزُونٌ مِمَّا يُرَاعِي مِنَ النَّاسِ، وَمِمَّا يُرَاعِي مِن نفسه ذهبت الوجوه وَالْمَعَارِفِ وَظَهَرَتِ النُّكُرُ، فَلا تَكَادُ تَعْرِفُ شَيْئًا.

الصفحة 381