كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

36 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنِي مُعَلَّى الْوَرَّاقُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَارٍ لَنَا مَرِيضٍ أَعُودُهُ فَقُلْتُ لَهُ: عَاهِدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَتُوبَ لَعَلَّهُ أَنْ يَشْفِيَكَ قَالَ: هَيْهَاتَ يَا أَبَا يَحْيَى، أَنَا مَيِّتٌ ذَهَبْتُ أُعَاهِدُ كَمَا كُنْتُ أُعَاهِدُ فَإِذَا هَاتِفٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ يَقُولُ: عَاهَدْنَاكَ مِرَارًا قَدْ وَجَدْنَاكَ كَذَّابًا قَالَ: فَمَا خَرَجَ مَالِكٌ مِنَ الدَّارِ حَتَّى سَمِعَ النَّائِحَةَ عَلَيْهِ.
37 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمَّازٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ أَعُودُهُ فَوَجَدْتُهُ جَزِعًا مِنَ الذُّنُوبِ نَادِمًا عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ عَمَلِهِ قُلْتُ: اسْتَعْتَبْتَ؟ قَالَ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ قَدْ سَأَلْتُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَاسْتَقَلْتُهُ مَرَّةً مِنْ بَعْدَ أُخْرَى فَأَقَالَنِي فَلَمَّا كَانَتْ مَرْضَتِي هَذِهِ قُلْتُ: أَقِلْنِي فَلَنْ أَعُودَ أَبَدًا فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ نَاحِيَةِ بَيْتِي يَا هَذَا قَدْ أَقَلْنَاكَ فَوَجَدْنَاكَ كَذَّابًا.
38 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ صَاحِبِ مِصْرَ الَّذِي مَدَحَهُ أَبُو نُوَاسٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو نُوَاسٍ، خَرَجْتُ إِلَى الْكُوفَةِ فَلَمَّا صِرْتُ بِطِيْزَنَابَاذَ حَضَرَنِي عِنَبٌ، فَقُلْتُ:
بِطِيْزَنَابَاذَ كَرْمٌ؟ مَا مَرَرْتُ بِهِ ... إِلاَّ تَعَجَّبْتُ مِمَّا يُشْرَبُ الْمَاءُ؟
فَجَاءَنِي هَاتِفٌ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرَةِ ... وَفِي جَهَنَّمَ مَاءٌ مَا تَجَرَّعَهُ خَلْقٌ فَأَبْقَى لَهُ فِي الْبَطْنِ أَمْعَاءُ.
39 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، حَدَّثَنِي سَوَادَةُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ: إِنَّ أَبَا خَلِيفَةَ الْعَبْدِيَّ، قَالَ: مَاتَ ابْنٌ لِي صَغِيرٌ فَوَجَدْتُ عَلَيْهِ وَجْدًا شَدِيدًا فَارْتَفَعَ عَنِّي النَّوْمُ فَوَاللَّهِ إِنِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي بَيْتِي عَلَى سَرِيرِي وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ وَإِنِّي مُفَكِّرٌ فِي ابْنِي إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، يَا أَبَا خَلِيفَةَ قُلْتَ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ قَالَ: وَرُعِبْتُ رُعْبًا شَدِيدًا قَالَ: فَتَعَوَّذَ ثُمَّ قَرَأَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى هَذِهِ الآيَةِ {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ} ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا خَلِيفَةَ قُلْتُ: لَبَّيْكَ قَالَ: مَاذَا تُرِيدُ؟ تُرِيدُ أَنْ تُخَصَّ بِالْحَيَاةِ فِي وَلَدِكَ دُونَ النَّاسِ؟ أَنْتَ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ أَمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ: تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلاَ نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ أَمْ تُرِيدُ أَنْ يُرْفَعَ الْمَوْتُ عَنْ وَلَدِكَ؟ وَقَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، أَمْ مَاذَا تُرِيدُ؟ تُرِيدُ أَنْ تَسْخَطَ عَلَى اللهِ فِي تَدْبِيرِ خَلْقِهِ؟ وَاللَّهِ لَوْلاَ الْمَوْتُ مَا وَسِعَتْهُمُ الأَرْضُ وَلَوْلاَ الأَسَى مَا انْتَفَعَ الْمَخْلُوقُونَ بِعَيْشٍ ثُمَّ قَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ قُلْتُ: مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكُ اللَّهُ؟ قَالَ: امْرُؤٌ مِنْ جِيرَانِكَ مِنَ الْجِنِّ.

الصفحة 402