كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

42 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنِي الْعَلاَءُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ التَّيْمِيُّ، عَنْ سَوَّارِ بْنِ مُصْعَبٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَخَوَيْنِ كَانَا جَارَيْنِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجِدُ بِصَاحِبِهِ وَجْدًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ فَخَرَجَ الأَكْبَرُ إِلَى أَصْفَهَانَ فَقَدِمَ وَقَدْ مَاتَ الأَصْغَرُ فَاخْتَلَفَ إِلَى قَبْرِهِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ فَلَمَّا حَضَرَ أَجَلُهُ إِذَا هَاتِفٌ هَتَفَ مِنْ خَلْفِهِ:
يَا أَيُّهَا الْبَاكِي عَلَى غَيْرِهِ ... نَفْسَكَ أَصْلِحْهَا وَلاَ تَبْكِهِ
إِنَّ الَّذِي تَبْكِي عَلَى إِثْرِهِ ... يُوشِكُ أَنْ تُسْلَكَ فِي سِلْكِهِ
فَالْتَفَتَ فَلَمْ يَرَ خَلْفَهُ أَحَدًا فَاقْشَعَرَّ وَحُمَّ فَهُرِعَ إِلَى أَهْلِهِ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ ثَلاَثًا حَتَّى مَاتَ فَدُفِنَ إِلَى جَنْبِهِ فَكَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ قَوْلِهِ يُوشِكُ يَوْمًا.
43 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ عَنْ شَرْقِيِّ بْنِ قَطَامِيٍّ، قَالَ: كَانَ رَجُلاَنِ بَيْنَهُمَا إِخَاءٌ وَمَوَدَّةٌ فَتَصَارَمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي الصَّرْمِ فَدُفِنَ بِالدَّوْمِ فَمَرَّ الْبَاقِي بِقَبْرِ الْمَيِّتِ فَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ مِنَ الْقَبْرِ:
أَجِدَّكَ تَطْوِي الدَّوْمَ لَيْلاَ وَلاَ تَرَى ... عَلَيْكَ لأَهْلِ الدَّوْمِ أَنْ تَتَكَلَّمَا
وَبِالدَّوْمِ ثَاوٍ لَوْ ثَوَيْتَ مَكَانَهُ ... فَمَرَّ بِأَهْلِ الدَّوْمِ عَاجَ فَسَلَّمَا
تُجَدِّدُ صَرْمًا أَنْتَ كُنْتَ بَدَأْتَهُ ... وَلاَ أَنَا فِيهُ كُنْتُ أَسْوَا وَأَظْلَمَا.

الصفحة 405