كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

52 - حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ نَصْرٍ أَبُو يَاسِرٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ سُمِعَ صَوْتٌ مِنْ قِبَلِ الْمَقَابِرِ إِنْ تَرَوْنَ الْيَوْمَ أَمْثَالَنَا بَعْدَهَا أَمْثَالُكُمْ وَكُنَّا أَقْرَانًا فِي الْحَيَاةِ كَشَكْلِكُمْ فَتِلْكَ الْبَيْدَاءُ تَسْفِي رِيَاحُهَا وَنَحْنُ فِي مَقْصُورَةٍ لاَ نَنَالُكُمْ فَمَنْ يَكُ مِنَّا فَلَيْسَ بِرَاجِعٍ فَتِلْكَ دِيَارُنَا وَهْيَ مَصِيرُكُمْ.
53 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، حَدَّثَنِي سُحَيْمُ بْنُ مَيْمُونٍ، وَكَانَ مِنْ جُلَسَاءِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَائِمًا فِي مَقْبَرَةٍ فَسَمِعَ هَاتِفا يَقُولُ:
أَنْعَمَ اللَّهُ بِالْخَلِيلَيْنِ عَيْنَا ... وَبِمَسْرَاكِ يَا أُمَيْمُ إِلَيْنَا
فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ فَقَالَ:
وَمَا يَنْفَعُهَا وَأَبُوهَا سَاخِطٌ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ الرَّجُلُ إِذَا بِقَبْرٍ يُحْفَرُ وَرَجُلٌ هُنَاكَ فَسَأَلَ عَنِ الْقَبْرِ وَأَخْبَرَهُ بِمَا سَمِعَ فَقَالَ: هَذَانِ قَبْرَا ابْنَيَّ وَهَذِهِ الْمَيِّتَةُ أُمِّهُمَا وَقَدْ كُنْتُ سَاخِطًا عَلَيْهَا أَمَا لأُقِرَّنَّ أَعْيُنَهُمَا بِالرِّضَا عَنْهَا قَالَ: فَرَضِيَ عَنْهَا وَوَلِيَ أَمْرَهَا حَتَّى وَارَاهَا.
54 - حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ حَفَّارٍ، كَانَ فِي بَنِي أَسَدٍ قَالَ: فَمَرَرْتُ بِالْحَفَّارِ فَحَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ نَتَحَارَسُ مَقْبُورِي أَسَدٍ لَيْلاَ فِي الْمَقَابِرِ إِذْ سَمِعْتُ قَائِلاَ يَقُولُ: قَبْرُ مَنْ يَا عَبْدَ اللهِ؟ قَالَ: مَا لَكَ يَا جَابِرُ؟ قَالَ: غَدًا تَأْتِينَا أُمُّنَا قَالَ: وَمَا تَنْفَعُنَا لاَ تَصِلُ إِلَيْنَا إِنَّ أَبِي قَدْ غَضِبَ عَلَيْهَا وَحَلَفَ أَنْ لاَ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا قَالَ: فَجَعَلاَ يُكَرِّرَانِ ذَلِكَ مِرَارًا فَجِئْتُ لِشَرِيكِي فَجَعَلَ يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَلاَ يَفْهَمُ الْكَلاَمَ فَلَقَّنْتُهُ إِيَّاهُ ثُمَّ يَفْهَمُ بِفَهْمِهِ فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: احْفِرْ لِي هَاهُنَا قَبْرًا بَيْنَ الْقَبْرَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعْتُ مِنْهُمَا الْكَلاَمَ فَقُلْتُ: اسْمُ هَذَا جَابِرٌ وَاسْمُ هَذَا عَبْدُ اللهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا سَمِعْتُ فَقَالَ: نَعَمْ قَدْ كُنْتُ حَلَفْتُ أَنْ لاَ أُصَلِّيَ عَلَيْهَا وَلاَ جَرَمَ لأُكَفِّرَنَّ عَنْ يَمِينِي وَلأُصَلِّيَنَّ عَلَيْهَا وَلأَتَرَحَّمَنَّ عَلَيْهَا قَالَ: ثُمَّ مَرَّ بِي بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عُكَّازٍ وَمَعَهُ إِدَاوَةٌ فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ الْحَفْرَ لِمَكَانِ عَيْنِي تِلْكَ.

الصفحة 408