كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

55 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى المازني قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ جَدِّي عَلِيِّ بْنِ طَارِقِ بْنِ زَيْدٍ الْجُعْفِيِّ، حَدَّثَنَا الثُّمَالِي:
أَنَّ رَجُلاَ خَرَجَ يَتَنَزَّهُ فَإِذَا هُوَ بِصَوْتٍ مِنْ قَبْرٍ يُنَادِي:
هَذَا أَبُونَا قَدْ أَتَانَا زَائِرَا
أَحْبِبْ بِهِ زَوْرًا إِلَيْنَا بَاكِرَا
وَخَيْرُ مَيِّتٍ ضُمِّنَ الْمَقَابِرَا
جَدَّ إِلَيْنَا عُتْبَةٌ مُثَابِرَا
قَدْ وَحَّدَ اللَّهَ زَمَانًا صَابِرَا
عُوِّضَ مِنْ تَوْحِيدِهِ أَسَاوِرَا
فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاَ فَاخِرَا
قَالَ: فَقُلْتُ: لاَ أَبْرَحُ الْيَوْمَ حَتَّى أَعْلَمَ مَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُ وَعَنِ الْمَيِّتِ فَجِيءَ بِجِنَازَةِ رَجُلٍ فَسَأَلْتُهُمْ عَنْهُ فَقِيلَ: هَذَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ وَهَذَا ابْنُهُ عُتْبَةُ وَهَذِهِ ابْنَتُهُ عُبَيْدَةُ فَدَفَنُوهُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ انْصَرَفُوا.
56 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: وَمِنْ كِتَابِ جَدِّي، حَدَّثَنَا الْكَلْبِيُّ، أَنَّ رَجُلاَ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ فَوَلِهَ أَبُوهُ وَلَهًا شَدِيدًا، وَأَنَّ أَبَاهُ أُرِيَ فِي مَنَامِهِ أَنِ ائْتِ قَبْرَ ابْنِكَ فَوَدِّعْهُ فَخَرَجَ يَمْشِي حَتَّى أَتَى قَبْرَهُ وَهُوَ رَجُلٌ يَقُولُ الشَّعْرَ فَأُلْقِيَ عَلَى لِسَانِهِ أَنْ قَالَ:
يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ الَّذِي قَدِ اسْتَوَى
هَيَّجْتَ لِي حُزْنًا عَلَى طُولِ الْبِلَى
حُزْنًا طَوِيلاَ يَتَأَتَّى مَا انْقَضَى
مِنْ غُصَصِ الْمَوْتِ وَغَمٍّ قَدْ بَرَى
وَضَغْطَةِ الْقَبْرِ الَّتِي فِيهَا الأَذَى
ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ انْصَرَفَ فَنُودِيَ مِنْ خَلْفِهِ:
اسْمَعْ أُحَدِّثْكَ بِأَمْرٍ قَدْ أَتَى بِخَبَرٍ أَوْضَحَ مِنْ ضَوْءِ الضُّحَى
عَنْ غُصَصِ الْمَوْتِ وَهَمٍّ قَدْ جَلاَ
وَفَرَجٍ أَتَاهُ مِنْ بَعْدِ الرِّضَا
لِلْقَوْلِ بِالتَّوْحِيدِ فِيمَا قَدْ خَلاَ
أَثْبَتَ مِنْ ذَاكِ جَزِيلاَ وَوَعَى
جِنَانَ فِرْدَوْسٍ رَضِيٍّ لِلْفَتَى
يَدْعُو بِهَا يَانِعَهَا بِمَا اشْتَهَى
ثُمَّ إِنَّ الصَّوْتَ خَمَدَ وَانْصَرَفَ الرَّجُلُ فَمَا خَطَرَ لَهُ ابْنُهُ عَلَى بَالِهِ حَتَّى مَاتَ.

الصفحة 409