كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

61 - حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ، مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ حَضْرَمَوْتَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ إِذْ بِرَجُلٍ مُتَعَلِّقٍ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَنْ لاَ يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنَ سَمْعٍ يَا مَنْ لاَ يُغَلِّطُهُ السَّائِلُونَ يَا مَنْ لاَ يَتَبَرَّمُ بِإِلْحَاحِ الْمُلِحِّينَ أَذِقْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ وَحَلاَوَةَ رَحْمَتِكَ، قَالَ: قُلْتُ: دُعَاؤُكَ هَذَا عَافَاكَ اللَّهُ؟ قَالَ لِي: وَقَدْ سَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَادْعُ بِهِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ فَوَالَّذِي نَفْسُ الْخَضِرِ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ عَلَيْكَ مِنَ الذُّنُوبِ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ وَحَصَى الأَرْضِ لَغَفَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ.
62 - حَدَّثَنِي أَبُو ثَابِتٍ مُشْرِفُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ الْجَزَرِيِّ، قَالَ: أَلَحَّ رَجُلٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَلَى الدُّعَاءِ فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ: يَا هَذَا قُلْ: يَا سَامِعَ كُلِّ صَوْتٍ، يَا بَارِئَ النُّفُوسِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيَا مَنْ لاَ تَغْشَاهُ الظُّلُمَاتُ، وَيَا مَنْ لاَ تُشَتَّتُ عَلَيْهِ الأَصْوَاتُ، وَيَا مَنْ لاَ يَشْغَلُهُ صَوْتٌ عَنْ صَوْتٍ، قَالَ: فَمَا دَعَوْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلاَّ اسْتَجَابَ لِي.
63 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ أَبِي الرَّوْحَاءِ الْحَمَّالِ، قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ وَأَنَا أُرِيدُ الْمُغِيثَةَ فِي نَحْوٍ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً قَالَ: وَكَانَ الطَّرِيقُ إِذْ ذَاكَ مَخُوفًا فَأَتَيْتُ الْعُذَيْبَ فَقَالَ أَهْلُهُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: الْمُغِيثَةَ قَالُوا: إِنَّهُ لَمْ يَمُرَّ بِنَا مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَحَدٌ يَذْهَبُ وَلاَ يَجِيءُ، وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ، فَهَذَا اللَّيْلُ قَدْ أَقْبَلَ، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، لاَ أَجِدُ بُدًّا مِنَ الْمُضِيِّ قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنَ الْعُذَيْبِ قَالَ: وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ فَسِرْتُ أَمْيَالاَ قَالَ: وَجَاءَ عَلَيَّ اللَّيْلُ وَأَنَا عَلَى قَعُودٍ لِي، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكُ إِذَا أَنَا بِشَخْصٍ يُرِيدُنِي، فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ ثُمَّ دَنَوْتُ فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ وَقَالَ: مَا يَحْمِلُكُ عَلَى التَّوَحُّدِ؟ قُلْتُ: طَلَبُ الْخَيْرِ قَالَ: إِنْ طَلَبْتَ الْخَيْرَ فَخَيْرٌ. قَالَ: مَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَقْبَلْتُ مِنَ الْمِصِّيصَةِ وَأَنَا أُرِيدُ الْبَصْرَةَ ثُمَّ هَذَا وَجْهِي مِنَ الْبَصْرَةِ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَرَاكَ ذُعِرْتَ قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ قَالَ: أَفَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى سِرٍّ إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَنِسْتَ إِذَا اسْتَوْحَشْتَ، وَاهْتَدَيْتَ بِهِ إِذَا ضَلَلْتَ، وَنِمْتَ إِذَا أَرِقْتَ؟ قَالَ: إِي فَعَلِّمْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ. قَالَ: قُلْ: بِسْمِ اللهِ ذِي الشَّأْنِ، عَظِيمِ الْبُرْهَانِ شَدِيدِ السُّلْطَانِ، كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُنَّ حَتَّى حَفِظْتُهُنَّ قَالَ: ثُمَّ عَدَلَ شَيْئًا عَنِ الطَّرِيقِ كَأَنَّهُ يَبُولُ أَوْ يَقْضِي حَاجَةً وَتَفَاجَّ تَفَاجَّ الْجَمَلِ فَبَالَ، فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، قَالَ: فَاسْتَوْحَشْتُ وَحْشَةً شَدِيدَةً بَعْدَ مَا كُنْتِ قَدْ أَنِسْتُ بِهِ، قَالَ: ثُمَّ ذَكَرْتُ الْكَلِمَاتِ فَقُلْتُهُنَّ قَالَ: فَأَنِسْتُ قَلِيلاَ وَرَجَعَتْ إِلَيَّ نَفْسِي.

الصفحة 413