كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

79 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُتِلَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ هِلاَلِ بْنِ عَامِرٍ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبَى طَالِبٍ يَوْمَ صِفِّينَ فَسَمِعُوا نَائِحَةً وَهِيَ تَقُولُ:
أَلاَ فَاسْأَلُوا الْعَمْرَيْنِ عَنْ صَاحِبِ الْجَمَلْ
فَتًى غَيْرُ مِسْهَامٍ وَلاَ خَائِفٍ نَكِلْ
يَكُرُّ الرِّكَابَ فِي الْمَكَارِهِ كُلِّهَا
وَيَعْلَمُ أَنَّ الأَمْرَ مُنْقَطِعُ الأَمَلْ.
80 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَمِّي خَلِيفَةُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا سَرَّكُمْ أَنْ يَحْسُنَ الْمَجْلِسُ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهُ إِنَّا لَوُقُوفٌ بِالْمُحَصَّبِ إِذْ أَقْبَلَ رَاكِبٌ حَتَّى إِذَا كَانَ قَدْرَ مَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ قَالَ:
أَبَعْدَ قَتِيلٍ بِالْمَدِينَةِ أَشْرَقَتْ ... لَهُ الأَرْضُ وَاهْتَزَّ الْعِضَاةُ بِأَسْوُقِ
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مِنْ إِمَامٍ وَبَارَكَتْ ... يَدُ اللهِ فِي ذَاكِ الأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ
قَضَيْتَ أُمُورًا ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا ... بَوَائِجَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
وَكُنْتَ نَشَرْتَ الْعَدْلَ بِالْبِرِّ وَالتُّقَى ... وَحُكْمُ صَلِيبِ الدِّينِ غَيْرُ مُزَوَّقِ
فَمَنْ يَسْعَ أَوْ يَرْكَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ ... لَيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بِالأَمْسِ يُسْبَقِ
أَمِينُ النَّبِيِّ حِبُّهُ وَصَفِيُّهُ ... كَسَاهُ الْمَلِيكُ جُبَّةً لَمْ تَمَزَّقِ
مِنَ الدِّينِ وَالإِسْلاَمِ وَالْعَدْلِ وَالتُّقَى ... وَبَابُكَ عَنْ كُلِّ الْفَوَاحِشِ مُغْلَقُ
تَرَى الْفُقَرَاءَ حَوْلَهُ فِي مَفَازَةٍ ... شِبَاعًا رُوَاءً لَيْلُهُمْ لَمْ يُؤَرَّقِ
قَالَتْ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ نَرَ شَيْئًا فَقَالَ النَّاسُ: هَذَا مُزَرِّدٌ ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَثَبَ إِلَيْهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْخَبِيثُ فَقَتَلَهُ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَمُسَجًّى بَيْنَنَا إِذْ سَمِعْنَا صَوْتًا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ لاَ نَدْرِي مِنْ أَيْنَ يَجِيءُ:
لِيَبْكِ عَلَى الإِسْلاَمِ مَنْ كَانَ بَاكِيًا ... فَقَدْ أَوْشَكُوا هَلْكَى وَمَا قَدُمَ الْعَهْدُ
وَأَدْبَرْتِ الدُّنْيَا وَأَدْبَرَ خَيْرُهَا ... وَقَدْ مَلَّهَا مَنْ كَانَ يُوقِنُ بِالْوَعْدِ
فَلَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ لَقِيَ مِزَرَّدًا فَقَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ الأَبْيَاتِ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا قُلْتَهُنَّ قَالَ: فَيَرَوْنَ أَنَّ بَعْضَ الْجِنِّ رَثَاهُ.

الصفحة 421