كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

83 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى بَابِ دَارٍ خَرِبٍ فَنَظَرَ فَإِذَا فِيهِ
لَنْ يَرْحَلَ الْمَيْتُ عَنْ دَارٍ يَحِلُّ بِهَا حَتَّى يُرَحَّلَ عَنْهَا صَاحِبُ الدَّارِ قَالَ: فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ:
الْمَوْتُ كَأْسٌ وَكُلُّ النَّاسِ شَارِبُهُ ... شُرْبًا حَثِيثًا لَهُ وِرْدٌ وَإِصْدَارُ
لاَ تَرْكَنَنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا ... كُلٌّ يَزُولُ فَإِنَّ الْمَوْتَ مِقْدَارُ.
84 - وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى بَابِ قَصْرٍ خَرِبٍ عَادٍ فَنَظَرَ فَإِذَا عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ
أَتَى الدَّهْرُ مِنَّا عَلَى مُطْعِمٍ. . . . ..
وَكُنَّا مِنَ الدَّهْرِ فِي مَوْعِدٍ ... فَأَجْلَى لَنَا الدَّهْرُ عَمَّا زَعَمَ
وَإِذَا هَاتِفٌ يَقُولُ:
كذاك الزمان وتكراره ... ومر الليالي وطول القدم
يُشِيبُ الصَّغِيرَ وَيُفْنِي الْكَبِيرَ ... وَيُبْلِي الشَّبَابَ وَيُفْنِي الْهَرِمْ
فَيَوْمٌ رَجَاءٌ وَيَوْمٌ بَلاَءٌ ... وَيَوْمٌ يَسَارٌ وَيَوْمٌ عَدَمْ.
85 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَ النَّخَعِ، يَذْكُرُونَ قَالُوا: لَمَّا أُصِيبَ النَّخَعُ بِالْقَادِسِيَّةِ سَمِعُوا نُوَاحَ الْجِنِّ فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ الْيَمَنِ وَهُمْ يَقُولُونَ:
أَلاَ فَاسْلَمِي يَا عِكْرِمُ ابْنَةَ خَالِدٍ ... وَمَا خَيْرُ زَادٍ بِالْقَلِيلِ الْمُصَرَّدِ
فَحَيَّتْكِ عَنِّي الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا ... وَحَيَّاكِ عَنِّي كُلُّ رَكْبٍ مُفَرِّدِ
وَحَيَّتْكِ عَنِّي عَصَبَةٌ نَخَعِيَّةٌ ... حِسَانُ الْوجُوهِ آمَنُوا بِمُحَمَّدِ
أَقَامُوا لِكِسْرَى يَضْرِبُونَ جُنُودَهُ ... بِكُلِّ رَقِيقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدِ
إِذَا ثَوَّبَ الدَّاعِي أَقَامُوا بِكَلْكَلٍ ... مِنَ الْمَوْتِ مُغْبَرِّ الْقَسَاطِلِ أَسْوَدِ
قَالَ: فَجَاءَهُمْ مَا أَصَابَ النَّخَعَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ مِنَ الْقَتْلِ.

الصفحة 424