كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

87 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ الأَسَدِيُّ، قَالَ: مَرَّ قَوْمٌ بِأَبْرَقِ الْعَزَّافِ فَسَمِعُوا هَاتِفًا يَقُولُ:
وَإِنَّ امْرَأً دُنْيَاهُ أَكْبَرُ هَمِّهِ لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْهَا بِحَبْلٍ غَرُورِ.
88 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ كَانَ نَائِمًا فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ: أَخْبِرِ النَّاسَ:
إِنَّ النُّفُوسَ رَهَائِنٌ بِكُسُوبِهَا ... فَاعْمَلْ فَإِنَّ فِكَاكَهُنَّ الدَّأْبُ.
89 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ مَالِكٍ الْغَسَّانِيِّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ قَالَ: سَمِعَ رَجُلٌ فِي الْحَيِّ قَائِلاَ يَقُولُ عَلَى سُوَرِ دِمَشْقَ:
أَلاَ يَالَقَوْمِي لِلسَّفَاهَةِ وَالْوَهْنِ ... وَلِلْعَاجِزِ الْمَوْهُونِ وَالرَّأْيِ ذِي الأَفْنِ
وَلاَبْنِ سَعِيدٍ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ ... عَلَى قَدَمَيْهِ خَرَّ لِلْوَجْهِ وَالْبَطْنِ
رَأَى الْحِصْنَ مَنْجَاةً مِنَ الْمَوْتِ فَالْتَجَا ... إِلَيْهِ فَزَارَتْهُ الْمَنِيَّةُ فِي الْحِصْنِ
فَأَتَى عَبْدَ الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ سَمِعَهَا مِنْكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: ضَعْهَا تَحْتَ قَدَمَيْكَ ثُمَّ طَلَبَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ.
90 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: إِنِّي لأَسِيرُ بِتُسْتَرَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِهَا زَمَنَ فُتِحَتْ إِذْ قُلْتُ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ قَالَ: فَسَمِعَنِي هَرْبَذٌ مِنْ أُولَئِكَ الْهَرَابِذَةِ فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ هَذَا الْكَلاَمَ مِنْ أَحَدٍ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ رَجُلاَ أَفِدُ عَلَى الْمُلُوكِ أَفِدُ عَلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ فَوَفَدْتُ عَامًا كِسْرَى فَخَلَفَنِي فِي أَهْلِي شَيْطَانٌ تَصَوَّرَ عَلَى صُورَتِي فَلَمَّا قَدِمْتُ لَمْ يَهَشَّ إِلَيَّ أَهْلِي كَمَا يَهَشُّ أَهْلُ الْغَائِبِ عَلَى غَائِبِهِمْ فَقُلْتُ لَهُمْ: مَا شَأْنُكُمْ؟ فَقَالُوا: إِنَّكَ لَمْ تَغِبْ قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَظَهَرَ لِي فَقَالَ: اخْتَرْ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِنْهَا يَوْمٌ وَلِي يَوْمٌ وَإِلاَّ أَهْلَكْتُكَ فَاخْتَرْتُ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمٌ وَلِي يَوْمٌ قَالَ فَأَتَانِي يَوْمًا فَقَالَ: إِنَّهُ مِمَّنْ يَسْتَرِقُ السَّمْعَ وَإِنَّ اسْتِرَاقَ السَّمْعِ بَيْنَنَا نُوَبٌ وَإِنَّ نَوْبَتِي اللَّيْلَةَ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَجِيءَ مَعَنَا قُلْتُ: نَعَمْ فَلَمَّا أَمْسَى أَتَانِي فَحَمَلَنِي عَلَى ظَهْرِهِ فَإِذَا لَهُ مَعْرَفَةٌ كَمَعْرَفَةِ الْخِنْزِيرِ فَقَالَ لِي: اسْتَمْسِكْ فَإِنَّكَ تَرَى أُمُورًا وَأَهْوَالاَ فَلاَ تُفَارِقْنِي فَتَهْلِكَ قَالَ: ثُمَّ عَرَجُوا حَتَّى لَصِقُوا بِالسَّمَاءِ قَالَ: فَسَمِعْتُ قَائِلاَ يَقُولُ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لاَ يَكُونُ، قَالَ: فَلُبِجَ بِهِمْ فَوَقَعُوا مِنْ وَرَاءِ الْغَمَرَاتِ فِي غِيَاضٍ وَشَجَرٍ قَالَ: وَحَفِظْتُ الْكَلِمَاتِ فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ أَهْلِي فَكَانَ إِذَا جَاءَ قُلْتُهُنَّ فَيَضْطَرِبُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ كُوَّةِ الْبَيْتِ فَلَمْ أَزَلْ أَقُولُهُنَّ حَتَّى انْقَطَعَ.

الصفحة 426