كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

92 - حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أَخَّرَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ صَلاَةَ الْعَصْرِ بِمِنًى حَتَّى صَارَتِ الشَّمْسُ عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ كَالْغَمَامِ فَسَمِعَ صَائِحًا مِنَ الْجِبَالِ: صَلِّ لاَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ. صَلِّ لاَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ.
93 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِبْرِيقٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ يَوْمًا لِمَنْ حَضَرَ مِنْ جُلَسَائِهِ: اذْكُرُوا شَيْئًا مِنْ حَدِيثِ الْجِنِّ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، خَرَجْتُ وَصَاحِبَانِ لِي نُرِيدُ الشَّامَ فَأَصَبْنَا ظَبْيَةً عَضْبَاءَ فَأَدْرَكَنَا رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِنَا وَكُنَّا أَرْبَعَةً فَقَالَ: خَلِّ سَبِيلَهَا فَقُلْتُ: لاَ لَعَمْرُكَ لاَ أُخَلِّي سَبِيلَهَا قَالَ: فَوَاللَّهِ لَرُبَّمَا رَأَيْتُنَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَنَحْنُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ فَيَخْطَفُ بَعْضُنَا بَعْضًا فَأَذْهَلَنِي مَا كَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى نَزَلْنَا دَيْرًا يُقَالُ لَهُ دَيْرُ الْعِنِّينِ فَارْتَحَلْنَا وَهِيَ مَعَنَا فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ يَقُولُ:
يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ السِّرَاعُ الأَرْبَعَهْ
خَلُّوا سَبِيلَ النَّافِرِ الْمُرَوَّعَهْ
مَهْلاَ عَنِ الْعَضْبَا فَفِي الأَرْضِ سَعَهْ
وَلاَ أَقُولُ قَوْلَ كَذُوبٍ إِمَّعَهْ.
قَالَ: فَخَلَّيْنَا سَبِيلَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَعُرِضَ لأَزِمَّةِ رِكَابِنَا فَأُمِيلَ بِنَا إِلَى حَيٍّ عَظِيمٍ فَأُمِيلَ عَلَيْنَا طَعَامٌ وَشَرَابٌ ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الشَّامَ وَقَضَيْنَا حَوَائِجَنَا ثُمَّ رَجَعْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْمَكَانِ الَّذِي مِيلَ بِنَا إِلَيْهِ إِذَا أَرْضٌ قَفْرٌ لَيْسَ بِهَا سَفْرٌ فَأَيْقَنْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ فَأَقْبَلْتُ سَائِرًا إِلَى الدَّيْرِ فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ
إِيَّاكَ لاَ تَعْجَلْ وَخُذْهَا عَنْ ثِقَهْ
أَسِيرُ سَيْرَ الْجِدِّ يَوْمَ الْحَقْحَقَهْ
قَدْ لاَحَ نَجْمٌ وَاسْتَوَى بِمَشْرِقِهْ
ذُو ذَنَبٍ كَالشُّعْلَةِ الْمُحَرَّقَهْ
يَخْرُجُ مِنْ ظَلْمَاءَ عُسْرٍ مُوبِقَهْ
إِنِّي امْرُؤٌ أَنْبَاؤُهُ مُصَدَّقَهْ
فَأَقْبَلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَهَرَ وَدَعَا إِلَى الإِسْلاَمِ فَأَسْلَمْتُ، قَالَ رَجُلٌ: وَأَنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي نُرِيدُ حَاجَةً لَنَا فَإِذَا شَخْصٌ رَاكِبٌ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَّا عَنْ مَزْجَرِ الْكَلْبِ هَتَفَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ:
يَا أَحْمَدُ يَا أَحْمَدْ اللَّهُ أَعْلَى وَأَمْجَدْ مُحَمَّدٌ أَتَانَا بِمِلَّةٍ تُوَحِّدْ يَدْعُو الْمَلاَ لِخَيْرٍ ثُمَّ إِلَيْهِ فَاعْمَدْ فَرَاعَنَا ذَلِكَ فَأَجَابَهُ صَوْتٌ عَنْ يَسَارِهِ:

الصفحة 428