كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

94 - حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ طَلِيقٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ كَانَ أَجْرَأَ شَيْءٍ عَلَى اللَّيْلِ وَأَنَّهُ نَزَلَ بِأَرْضٍ مُجِنَّةٍ فَاسْتَوْحَشَ فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَعَقَلَهَا وَتَوَسَّدَهَا وَقَالَ: أَعُوذُ بِعَزِيزِ هَذَا الْوَادِي مِنْ شَرِّ أَهْلِهِ فَأَجَارَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مُعَيْكِرٌ فَتًى مِنْهُمْ كَانَ أَبُوهُ سَيِّدَهُمْ، فَأَخَذَ حَرْبَةً مَسْمُومَةً وَمَشَى بِهَا إِلَى النَّاقَةِ لِيَنْحَرَهَا فَلَقِيَهُ مُعَيْكِرٌ دُونَهُ فَقَالَ:
يَا مَالِكُ بْنُ مُهَلْهَلٍ لاَ تَبْتَئِسْ ... مَهْلاَ فِدًى لَكَ مِحْجَرِي وَإِزَارِي
عَنْ نَاقَةِ الإِنْسِيِّ لاَ تَعْرِضْ لَهَا ... وَاخْتَرْ إِذَا وَرَدَ الْمَهَا أَثْوَارِي
مَاذَا أَرَدْتَ إِلَى امْرِئٍ قَدْ أَجَرْتُهُ ... وَجَعَلْتُهُ فِي ذِمَّتِي وَقَرَارِي
تَسْعَى إِلَيْهِ بِحَرْبَةٍ مَسْمُومَةٍ ... أُفٍّ لِقُرْبِكَ يَا أَبَا الْعَقَّارِ
فَأَجَابَهُ الْفَتَى:
أَأَرَدْتَ أَنْ تَعْلُوَ وَتَخْفِضَ ذِكْرَنَا ... فِي غَيْرِ مَرْزَأَةٍ أَبَا الْعَيْزَارِ
مُتَنَحِّلاَ شَرَفًا لِغَيْرِكَ ذِكْرُهُ ... فَارْحَلْ فَإِنَّ الْمَجْدَ لِلْمُرَّارِ
مَنْ كَانَ مِنْكُمْ سَيِّدًا فِيمَا مَضَى ... إِنَّ الْخِيَارَ هُمُ بَنُو الأَخْيَارِ
فَاقْصِدْ لِقَصْدِكَ يَا مُعَيْكِرُ إِنَّمَا ... كَانَ الْمُجِيرَ مُهَلْهَلُ بْنُ أَثَارِ
لَوْلاَ الْحَيَاءُ وَأَنَّ أَهْلَكَ جِيرَةٌ ... لَتُمَزِّقَنْكَ بِقُوَّةٍ أَظْفَارِي
فَقَالَ: دَعْهُ لاَ أُنَازِعُ بِوَاحِدٍ بَعْدَهُ فَفَعَلَ وَقَدِمَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ: إِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمْ وَحْشَةٌ بِلَيْلٍ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ اللاَّتِي لاَ يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلاَّ طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} أَيْ إِثْمًا.

الصفحة 431