كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

109 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زَبَّارٍ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا، الْعَلاَءُ بْنُ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ حَبِيبٍ السَّرَّاجِ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَمْرٍو الْحَارِثِيِّ، قَالَ: إِنَّا كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى جَانِبِنَا غَدِيرٌ فَأَرْسَلْتُ ابْنَتِي بِصَحْفَةٍ لِتَأْتِيَنِي بِمَاءٍ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا فَطَلَبْنَاهَا فَأَعْيَتْنَا فَسَلَوْنَا عَنْهَا قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ جَالِسٌ بِفِنَاءِ مَطَلَّتِي إِذْ طَلَعَ عَلَيَّ شَبَحٌ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا ابْنَتِي، قُلْتُ: ابْنَتِي؟ قَالَتِ: ابْنَتُكَ قُلْتُ: أَيْنَ كُنْتِ أَيْ بُنَيَّةُ؟ قَالَتْ: أَرَأَيْتَ لَيْلَةَ بَعَثْتَنِي إِلَى الْغَدِيرِ؟ إِنَّ جَنِيًّا اسْتَطَارَ بِي فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرِيقَيْنِ مِنَ الْجِنِّ حَرْبٌ فَأَعْطَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا إِنْ ظَفِرَ بِهِمْ أَنْ يَرُدَّنِي عَلَيْكَ فَظَفِرَ بِهِمْ فَرَدَّنِي عَلَيْكَ وَإِذَا هِيَ قَدْ شَحِبَ لَوْنُهَا وَتَمَرَّطَ شَعْرُهَا وَذَهَبَ لَحْمُهَا فَأَقَامَتْ عِنْدَنَا فَصَلُحَتْ فَخَطَبَهَا بَنُو عَمِّهَا فَزَوَّجْنَاهَا وَقَدْ كَانَ الْجِنِّيُّ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَمَارَةً إِذَا رَابَهَا رَيْبٌ أَنْ تُدَخِّنَ لَهُ وَإِنَّ ابْنَ عَمِّهَا ذَلِكَ عَيَّبَ عَلَيْهَا فَقَالَ: جِنِّيَّةٌ شَيْطَانَةٌ مَا أَنْتِ بِإِنْسِيَّةٍ فَدَخَّنَتْ فَنَادَاهُ مُنَادٍ: مَا لَكَ وَلِهَذِهِ؟ لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ لَفَقَأْتُ عَيْنَيْكَ، رَعَيْتُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِحُبِّي وَفِي الإِسْلاَمِ بِدِينِي فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَلاَ تَظْهَرُ حَتَّى نَرَاكَ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ لَنَا إِنَّ أَبَانَا سَأَلَ لَنَا ثَلاَثًا أَنْ نَرَى وَلاَ نُرَى وَأَنْ نَكُونَ بَيْنَ أَطْبَاقِ الثَّرَى وَأَنْ يُعَمَّرَ أَحَدُنَا حَتَّى تَبْلُغَ رُكْبَتَاهُ حَنَكَهُ ثُمَّ يَعُودَ فَتًى قَالَ: فَقَالَ: يَا هَذَا أَلاَ تَصِفُ لَنَا دَوَاءَ حُمَّى الرِّبْعِ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: أَمَا رَأَيْتَ تِلْكَ الدُّوَيْبَةَ عَلَى الْمَاءِ كَأَنَّهَا عَنْكَبُوَتٌ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: خُذْهَا ثُمَّ اشْدُدْ عَلَى بَعْضِ قَوَائِمِهَا خَيْطًا مِنْ عِهْنٍ فَشُدَّهُ عَلَى عَضُدِكَ الْيُسْرَى فَفَعَلْ فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا هَذَا أَلاَ تَصِفُ لَنَا مِنْ رَجُلٍ يُرِيدُ مَا تُرِيدُ النِّسَاءَ؟ قَالَ: هَلْ أَلَمَّتْ بِهِ الرِّجَالُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: لَوْ لَمْ يَفْعَلْ لَوَصَفْتُ لَكَ.

الصفحة 442