كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

الَّذِي بَلَغَ مِنْ أَمْرِي حَتَّى صِرْتُ إِلَى مَا أَرَى؟ قَالَ: يَا أَخِي لاَ تَسْأَلْنَا فَقَالَ: خَلُّوا سَبِيلَهُ وَأَطْلِقُوهُ مِنَ الْحَدِيدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ رَأَيْتَ الَّذِيَ لَقِينَا مِنْهُ وَأَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ لاَ يَعُودُ إِلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَأَطْلِقُوهُ فَأَطْلَقْنَاهُ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ بَعْدَمَا أَطْلَقْنَاهُ فَقَالَ: يَا أَخِي مَا كَانَ أَمْرِي حَتَّى صِرْتُ إِلَى مَا أَرَى؟ قُلْتُ: لاَ تَسْأَلْنِي قَالَ: خَلُّوا عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ أَحْسَنْتَ إِلَيْنَا وَلَكِنْ بَقِيَ شَيْءٌ أَخْبِرْنِي بِهِ قَالَ: مَا هُوَ قُلْتُ: إِنَّكَ حِينَ قُلْتَ لَنَا مَا قُلْتَ نَذَرْتُ إِنِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَافَى أَخِي أَنْ أَحُجَّ مَاشِيًا مَزْمُومًا قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ هُنَا لَشَيْءٌ مَا لَنَا بِهِ عِلْمٌ وَلَكِنْ أَدُلُّكَ اهْبِطْ هَذَا الْمَوْضِعَ مَوْضِعًا قَدْ سَمَّاهُ فَأْتِ الْبَصْرَةَ فَاسْأَلْ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَاسْأَلْهُ عَنْ هَذَا وَانْتَهِ إِلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ قَالَ: فَجِئْنَا إِلَى بَابِ الْحَسَنِ فَاسْتَأْذَنْتُ فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: هَذَا أَبُو يَاسِينَ بِالْبَابِ قَالَ: قُولِي لَهُ فَلْيَدْخُلْ فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ فِي غَرْفَةٍ أَظُنُّهَا مِنْ قَصَبٍ وَإِذَا فِي الْغُرْفَةِ سَرِيرٌ مَرْمُولٌ مِنْ شَرِيطٍ وَإِذَا الْحَسَنُ قَاعِدٌ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ فَقَالَ: يَا أَبَا يَاسِينَ إِنَّمَا عَهْدِي بِكَ مِنْ سَاعَةٍ فَمَا حَاجَتُكَ؟ قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَعِي غَيْرِي فَأَذِنَ لَهُ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ لِلْخَدَمِ: ائْذَنُوا لَهُ قَالَ: فَدَخَلَ إِلَيْهِ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ مَعَهُ فَقُلْتُ لَهُ أَعِدْ حَدِيثَكَ كَمَا حَدَّثْتَنِي فَأَخَذَ فِي أَوَّلِهِ وَالْحَسَنُ مُسْتَقْبِلُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: ائْتِهِ فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَبَكَى وَاللَّهِ الْحَسَنُ، وَقَالَ: أَمَّا الزِّمَامُ فَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ فَلاَ تُزِمَّ نَفْسَكَ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأَمَّا الْمَشْيُ فَامْشِ إِلَى بَيْتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَوْفِ بِنَذْرِكَ.

الصفحة 459