كتاب الورع لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
بَابُ الْوَرَعِ فِي الشَّمِ
87 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: مَرَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - مَعَ أَصْحَابِهِ بِرَائِحَةٍ مُنْتِنَةٍ، فَوَضَعَ الْقَوْمُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَنْفِهِمْ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عِيسَى، ثُمَّ مَرُّوا بِرَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ فَكَشَفُوا أَيْدِيَهُمْ عَنْ أَنْفِهِمْ وَوَضَعَ عِيسَى يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ نِعْمَةٌ فَخِفْتُ أَنْ لاَ أَقُومَ بَشُكْرِهَا، وَالرَّائِحَةُ الْمُنْتِنَةُ بَلاَءٌ، فَأَحْبَبْتُ الصَّبْرَ عَلَى الْبَلاَءِ.
88 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْعُقَيْلِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ أُتِيَ بِغَنَائِمِ مِسْكٍ، فَأَخَذَ بِأَنْفِهِ، فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: تَأْخُذُ بِأَنْفِكَ لِهَذَا؟ قَالَ: إِنَّمَا يُنْتَفَعُ مِنْ هَذَا بِرِيحِهِ؛ فَأَكْرَهُ أَنْ أَجِدَ رِيحَهُ دُونَ الْمُسْلِمِينَ.
89 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: لأَنْ يَمْتَلِئَ مِنْخَرَايَ مِنْ رِيحِ جِيفَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَا مِنْ رِيحِ امْرَأَةٍ.
90 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَدْيَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ سَمِعَ أَبَاهُ يُحَدِّثُ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَدْفَعُ إِلَى امْرَأَتِهِ طِيبًا لِلْمُسْلِمِينَ كَانَتْ تَبِيعُهُ فَتَزِنُ فَتُرْجِحُ وَتَنْقُصُ فَتَكْسِرُ بِأَسْنَانِهَا، فَتُقَوِّمُ لَهُمُ الْوَزْنَ، فَعَلَقَ بِإِصْبَعِهَا مِنْهُ شَيْءٌ فَقَالَتْ بِأُصْبُعِهَا فِي فِيهَا فَمَسَحَتْ بِهِ خِمَارَهَا، وَأَنَّ عُمَرَ جَاءَ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ فَأَخْبَرَتْهُ خَبَرَهَا، فَقَالَ: تَطَيَّبِينَ بِطِيبِ الْمُسْلِمِينَ فَانْتَزَعَ خِمَارَهَا، فَجَعَلَ يَقُولُ بِخِمَارِهَا فِي التُّرَابِ ثُمَّ يَشَمُّهُ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، ثُمَّ يَقُولُ بِهِ فِي التُّرَابِ حَتَّى ظَنَّ أَنَّ رِيحَهُ قَدْ ذَهَبَتْ ثُمَّ جَاءَتْهَا الْعَطَّارَةُ مَرَّةً أُخْرَى، فَبَاعَتْ مِنْهَا، فَوَزَنَتْ لَهَا، فَعَلَقَ بِأُصْبُعِهَا مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَتْ بِأُصْبُعِهَا فِي فِيهَا، ثُمَّ قَالَتْ بِأُصْبُعِهَا فِي التُّرَابِ. فَقَالَتِ الْعَطَّارَةُ: مَا هَكَذَا صَنَعْتِ أَوَّلَ مَرَّةٍ. فَقَالَتْ: أَوَمَا عَلِمْتِ مَا لَقِيتُ مِنْهُ؟ لَقِيتُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا.
الصفحة 510
595