كتاب الحلم لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

24 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ كَلْبٍ، قَالَ: أَتَانِي الْمُؤَمَّلُ الشَّاعِرُ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لاَ تَرْوِي لِي شَيْئًا, وَلَكِنِ اسْمَعْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ الأَبْيَاتِ:
إِذَا نَطَقَ السَّفِيهُ فَلاَ تُجِبْهُ ... فَخَيْرٌ مِنْ إِجَابَتِهِ السُّكُوتُ
لَئِيمُ الْقَوْمِ يَشْتُمُنِي لِيَحْظَى ... وَلَوْ دَمَهُ سَفَكْتُ لَمَا حَظِيتُ
فَلَسْتُ مُشَابِهِا أَبَدًا لَئِيمًا ... خَزِيتُ لِمَنْ يُشَاتِمُهُ خَزِيتُ.
25 - حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الرِّيَاحِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لأَهْلِ التَّقْوَى عَلاَمَاتٌ يُعْرَفُونَ بِهَا: صِدْقُ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءُ الأَمَانَةِ، وَالإِيفَاءُ بِالْعَهْدِ, وَقِلَّةُ الْفَخْرِ، وَالْخُيَلاَءِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَرَحْمَةُ الضُّعَفَاءِ, وَقِلَّةُ الْمُثَافَنَةِ لِلنِّسَاءِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ, وَسَعَةُ الْعِلْمِ, وَاتِّبَاعُ الْعِلْمِ فِيمَا يُقَرِّبُ إِلَى اللهِ زُلْفَى.
26 - أَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لِمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْحَارِثِيِّ:
تَخَالُهُمُ لِلْحِلْمِ صُمًّا عَنِ الْخَنَا ... وَخُرْسًا عَنِ الْفَحْشَاءِ عِنْدَ التَّهَاجُرِ
وَمَرْضَى إِذَا لُقُوا حَيَاءً وَعِفَّة ... وَعَنِ الْحِفَاظِ كَاللُّيُوثِ الْخَوَادِرِ
لَهُمْ ذُلُّ إِنْصَافٍ وَلِينُ تَوَاضُعٍ ... بِذُلِّهِمْ ذَلَّتْ رِقَابُ الْمَعَاشِرِ
كَأَنَّ بِهِمْ وَصْمًا يَخَافُونَ عَارَهُ ... وَمَا وَصَمَهُمْ إلاَّ اتِّقَاءُ الْمَعَايِرِ.
27 - وَأَنْشَدَنِي مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ:
رَجَعْتُ عَلَى السَّفِيهِ بِفَضْلِ حِلْمٍ ... وَكَانَ الْفِعْلُ عَنْهُ لَهُ لِجَامَا
وَظَنَّ بِي السَّفَاهَ فَلَمْ يَجِدْنِي ... أُسَافِهُهُ وَقُلْتُ لَهُ سَلاَمَا
فَقَامَ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ ذَلِيلاً ... وَقَدْ كَسَبَ الْمَذَمَّةَ وَالْمَلاَمَا
وَفَضْلُ الْحِلْمِ أَبْلَغُ فِي سَفِيهٍ ... وَأَحْرَى أَنْ يَنَالَ بِهِ انْتِقَامَا.

الصفحة 566