كتاب الحلم لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

117 - حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ: مَا شَتَمْتُ أَحَدًا قَطُّ؛ لأَنَّ الَّذِي يَشْتُمُنِي أَحَدُ رَجُلَيْنِ: كَرِيمٌ كَانَتْ مِنْهُ ذَلَّةً وَهَفْوَةً, فَأَنَا أَحَقُّ مَنْ غَفَرَهَا, وَأَخَذَ الْفَضْلَ فِيهَا, أَوْ لَئِيمٌ فَلَمْ أَكُنْ لأَجْعَلَ عِرْضِي إِلَيْهِ, وَكَانَ يَتَمَثَّلُ:
وَأَغْفِرُ عَوْرَاءَ الْكَرِيمِ ادِّخَارَهُ ... وَأُعْرِضُ عَنْ شَتْمِ اللَّئِيمِ تَكَرُّمَا.
118 - حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: سِلاَحُ اللِّئَامِ قَبِيحُ الْكَلاَمِ.
119 - وَحَدَّثَنِي مَيَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ: مَا شَتَمْتُ رَجُلاً مُنْذُ كُنْتُ رَجُلاً، وَلاَ زَاحَمَتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، وَإِذَا أَنَا لَمْ أَصِلْ زَائِرِي حَتَّى يَرْشَحَ جَبِينُهُ كَمَا يَرْشَحُ السِّقَاءُ فَوَاللَّهِ مَا وَصَلْتُهُ.
120 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ بِقَوْمٍ فَشَتَمَهُ سَفِيهُهُمْ, فَقَالَ: يَا أُمَّ عَمْرٍو, أَلاَ تَنْهَوْا سَفِيهَكُمْ, إِنَّ السَّفِيهَ إِذَا لَمْ يُنْهَ مَأْمُورٌ.
121 - قَالَ عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ: ذَكَرَ أَبِي، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ يَقُولُ: يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْعَبْدِ: قُمْ إِلَى فُلاَنٍ, فَخُذْ حَقَّكَ مِنْهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا أَعْرِفُ لِي عِنْدَهُ مِنْ حَقٍّ، فَيُقَالُ: بَلَى, إِنَّهُ ذَكَرَكَ يَوْمَ كَذَا بِكَذَا وَيَوْمَ كَذَا بِكَذَا، قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: أَفَنَاصِحٌ لِنَفْسِهِ مَنْ يَقْضِي مِنْ حَسَنَاتِهِ غَدًا, وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى ذُلِّ خَاشِعٍ يَوَدُّ لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخلاَّئِهِ أَمَدًا بَعِيدًا.

الصفحة 587