كتاب الهواتف لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

111 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَكَمِ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: كُنَّا فِي غَدِيرٍ لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَعَنَا رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ وَمَعَهُ ابْنَةٌ لَهُ شَابَّةٌ رَوَادٌ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةُ خُذِي هَذِهِ الصَّحْفَةَ فَأْتِي الْغَدِيرَ فَأْتِينِي مِنْ مَائِهِ فَوَافَاهَا عَلَيْهِ جَانٌّ فَاخْتَطَفَهَا فَذَهَبَ بِهَا فَفَقَدَهَا أَبُوهَا فَنَادَى فِي الْحَيِّ فَخَرَجْنَا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ، وَسَلَكْنَا كُلَّ شِعْبٍ وَنَقْبٍ وَطَرِيقٍ فَلَمْ نَجِدْ لَهَا أَثَرًا فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذَا هِيَ قَدْ جَاءَتْ قَدْ عَفَا شَعْرُهَا وَأَظْفَارُهَا فَقَامَ إِلَيْهَا أَبُوهَا يَلْثُمُهَا وَيَقُولُ: أَيْ بُنَيَّةُ، أَيْنَ كُنْتِ؟ وَأَيْنَ نَبَتْ بِكِ الأَرْضُ؟ قَالَتْ: أَتَذْكُرُ لَيْلَةَ الْغَدِيرِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَتْ: وَافَانِي عَلَيْهِ جَانٌّ فَاخْتَطَفَنِي فَذَهَبَ بِي فَلَمْ أَزَلْ فِيهِمْ وَاللَّهِ مَا نَالَ مِنِّي مُحَرَّمًا حَتَّى إِذَا جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلاَمِ غَزْوًا قَوْمًا مُشْرِكِينَ فِيهِمْ أَوْ غَزَاهُمْ قَوْمٌ مُشْرِكُونَ مِنْهُمْ فَجَعَلَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ إِنْ هُوَ ظَفِرَ وَأَصْحَابُهُ أَنْ يَرُدَّنِي عَلَى أَهْلِي فَظَفِرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَحَمَلَنِي فَأَصْبَحْتُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ وَجَعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَمَارَةً إِذَا أَنَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ أَنْ أُوَلْوِلَ بِصَوْتِي فَأَخَذُوا مِنْ شَعْرِهَا وَأَظْفَارِهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا أَبُوهَا شَابًّا مِنَ الْحَيِّ فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا يَقَعُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ فَقَالَ: يَا مَجْنُونَةُ، إِنَّمَا نَشَأْتِ فِي الْجِنِّ فَوَلْوَلَتْ بِصَوْتِهَا فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ: بَنِي الْحَارِثِ اجْتَمِعُوا وَكُونُوا أَحِبَّاءَ كِرَامًا قُلْنَا: يَا هَذَا نَسْمَعُ صَوْتًا وَلاَ نَرَى شَيْئًا فَقَالَ: أَنَا رَبُّ فُلاَنَةَ رَعَيْتَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِحُبِّي وَحَفِظْتُهَا فِي الإِسْلاَمِ بِدِينِي وَاللَّهِ مَا نِلْتُ مِنْهَا مُحَرَّمًا قَطُّ إِنِّي كُنْتُ فِي أَرْضِ بَنِي فُلاَنٍ فَسَمِعْتُ نَبْأَةً مِنْ صَوْتِهَا فَتَرَكْتُ مَا كُنْتُ فِيهِ ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: عَيَّرَنِي صَاحِبِي أَنِّي كُنْتُ فِيكُمْ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ لَفَقَأْتُ عَيْنَيْهِ فَتَقَدَّمُوا إِلَيْهِ: أَيْ فُلُ اظْهَرْ لَنَا نُكَافِئْكَ فَلَكَ عِنْدَنَا الْجَزَاءُ وَالْمُكَافَأَةُ فَقَالَ: إِنَّ أَبَانَا سَأَلَ أَنْ نَرَى وَلاَ نُرَى وَأَنْ لاَ نَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ الثَّرَى وَأَنْ يَعُودَ شَيْخُنَا فَتًى فَقَالَتْ لَهُ عَجُوزٌ مِنَ الْحَيِّ: أَيْ فُلُ، بُنَيَّةٌ لِي عُرَيِّسٌ أَصَابَتْهَا حُمَّى الرِّبْعِ فَهَلْ لَهَا عِنْدَكَ دَوَاءٌ؟ قَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطَتِ انْظُرِي إِلَى ذُبَابِ الْمَاءِ الطَّوِيلِ الْقَوَائِمِ الَّذِي يَكُونُ عَلَى أَفْوَاهِ الأَنْهَارِ فَخِذِي سَبْعَةَ أَلْوَانِ عِهْنٍ مِنْ أَصْفَرِهِ وَأَحْمَرِهِ وَأَخْضَرِهِ وَأَسْوَدِهِ فَاجْعَلِيهِ فِي وَسَطِ ذَلِكَ ثُمَّ افْتُلِيهِ بَيْنَ إِصْبَعَيْكِ ثُمَّ اعْقِدِيهِ عَلَى عَضُدِهَا الْيُسْرَى فَفَعَلَتْ فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَتْ مِنْ عِقَالٍ.

الصفحة 86