كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 7)

"من فعل فقد أحسن" وأتى بما أمر به ندباً بدليل قوله: "وإلاّ فلا حرج".
"ومن استجمر فليوتر" اختلف في المراد بالاستجمار في هذا الحديث، فذهب الجمهور من أهل اللغة (¬1) والحديث والفقه، إلا أنه الاستنجاء بالأحجار مأخوذ من الجمار، وهي الأحجار الصغار.
وقيل: سُمي بذلك؛ لأنه يطيب الريح كما يطيب الاستجمار بالبخور.
وقيل: المراد به في البخور أن يأخذ ثلاث قطع، أو يأخذ منه ثلاث مرات يستعمل واحدة بعد أخرى، وهو على هذا مأخوذ من الجمر الذي يوقد.
قال القاضي عياض في "المشارق" (¬2): وقد كان مالك يقوله ثم رجع عنه.
وقال الشيخ ولي الدين: يمكن حمل هذا المشترك على معنييه, وهو الاستجمار، والتبخر وقد كان عمر يفعل ذلك نقله عنه ابن عبد البر (¬3)، فكان يستجمر بالأحجار، ويجمر ثيابه وتراً.
"ومن لا" يوتر "فلا حرج" عليه، استدل به المالكية (¬4) والحنفية (¬5) على أن الاستجمار يتقيد بعدد، وقالت الشافعية (¬6): نفي الحرج راجع إلى الزيادة على الثلاث جمعاً بينه وبين الأحاديث المصرحة بالجمع، لأمره - صلى الله عليه وسلم - بالثلاث والنهي عن النقص عنها، وإنما نبّه على ذلك؛ لأن حكم الزيادة على الثلاث في الوضوء الكراهة.
¬__________
(¬1) انظر: "القاموس المحيط" (ص 469)، "النهاية في غريب الحديث" (1/ 285)، "فتح الباري" (1/ 257).
(¬2) (1/ 238)، وانظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (2/ 30).
(¬3) "التمهيد" (1/ 27 - 28).
(¬4) "مدونة الفقه المالكي وأدلته" (1/ 88 - 89).
(¬5) انظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/ 78).
(¬6) "المهذب" (1/ 113 - 114).

الصفحة 128