"من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج، ومن أتى الغائط فليستتر، وإن لم يجد إلا كثيباً" بالمثلثة "من رمل (¬1) " قال في "الصحاح" (¬2): هو التل، وفي "النهاية" (¬3) هو الرمل المستطيل المحدودب.
"فليستدبره" بالموحدة أي: فليوله دبره, أي: ظهره.
"فإنّ الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم" قال الشيخ ولي الدين: جمع مقعدة: وهي تطلق على شيئين، ذكرهما في "الصحاح" (¬4).
أحدهما: السافلة أي: أسفل البدن.
والثاني: موضع القعود، وكل من المعنيين إرادته هنا محتملة، أي: أنّ الشيطان يلعب بأسافل بني آدم، أو بمواضع قعودهم لقضاء الحاجة, فعلى الأول: الباء للإلصاق، وعلى الثاني: للظرفية نحو: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34)} (¬5)، أي: في سحر.
قال: وكلام الخطابي (¬6) يوافق الثاني، فإنه قال: معناه أنّ الشيطان يحضر تلك الأمكنة ويرصدها؛ لأنها مواضع يهجر فيها ذكر الله، وتكشف فيها العورات، وهو معنى قوله: "إن هذه الحشوش محتضرة" فأمر - صلى الله عليه وسلم - بالتستر ما أمكن، وأن لا يكون قعود الإنسان في براح من الأرض
¬__________
(¬1) انظر نص العبارة كما هي في "الصحاح".
(¬2) للجوهري (1/ 209) حيث قال: "الكثب الرمل" أي: اجتمع، وكل شيء ما انصب في شيء فقد أنكثب فيه, ومنه سمّي الكثيب من الرمل؛ لأنه انصب في مكان فاجتمع فيه, والجمع الكثبان، وهي تلال الرمل.
(¬3) "النهاية في غريب الحديث" (2/ 524).
(¬4) للجوهري (2/ 525).
(¬5) سورة القمر الآية: 34.
(¬6) في "معالم السنن" (1/ 33 - مع السنن).