كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 7)

" صفحة رقم 106 "
وإني حسبت اليوم والأمس قبله
إلى الليل حتى كادت الشمس تغرب
) يَسْتَصْرِخُهُ ( : يصيح به مستغيثاً من قبطيّ آخر ، ومنه قول الشاعر :
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع كان الصراخ له قرع الطنابيب
قال له موسى : الظاهر أن الضمير في له عائد على الذي ) إِنَّكَ لَغَوِىٌّ مُّبِينٌ ( لكونك كنت سبباً في قتل القبطي بالأمس ، قال له ذلك على سبيل العتاب والتأنيب . وقيل : الضمير في له ، والخطاب للقبطي ، ودل عليه قوله : يستصرخه ، ولم يفهم الإسرائيلي أن الخطاب للقبطي . ) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ ( : الظاهر أن الضمير في أراد ويبطش هو لموسى . ) بِالَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا ( : أي للمستصرخ وموسى وهو القبطي يوهم الإسرائيلي أن قوله : ) إِنَّكَ لَغَوِىٌّ مُّبِينٌ ( هو على سبيل إرادة السوء به ، وظن أنه يسطو عليه . قال ، أي الإسرائيلي : ) قَالَ يامُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالاْمْسِ ( ، دفعاً لما ظنه من سطو موسى عليه ، وكان تعيين القائل القبطي قد خفي على الناس ، فانتشر في المدينة أن قاتل القبطي هو موسى ، ونمى ذلك إلى فرعون ، فأمر بقتل موسى . وقيل : الضمير في أراد ويبطش للإسرائيلي عند ذلك من موسى ، وخاطبه بما يقبح ، وأن بعد لما يطرد زيادتها . وقيل : لو إذا سبق قسم كقوله : فأقسم أن لو التقينا وأنتم
لكان لكم يوم من الشر مظلم
وقرأ الجمهور : يبطش ، بكسر الطاء ؛ والحسن ، وأبو جعفر : بضمها . ) إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِى الاْرْضِ ( : وشأن الجبار أن يقتل بغير حق . وقال الشعبي : من قتل رجلين فهو جبار ، يعني بغير حق ، ولما أثبت له الجبروتية نفى عنه الصلاح . ) وَجَاء رَجُلٌ مّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ( ، قيل : هو مؤمن آل فرعون ، وكان ابن عم فرعون . قال الكلبي : واسمه جبريل بن شمعون . وقال الضحاك : شمعون بن إسحاق . وقيل : هو غير مؤمن آل فرعون . ) يَسْعَى ( : يشتد في مشيه . ولما أمر فرعون بقتله ، خرج الجلاوزة من الشارع الأعظم ، فسلك هذا الرجل طريقاً أقرب إلى موسى . ومن أقصى المدينة ، ويسعى : صفتان ، ويجوز أن يكون يسعى حالاً ، ويجوز أن يتعلق من أقصى بجاء . قال الزمخشري : وإذا جعل ، يعني ، من أقصى حالاً ، لجاء لم يجز في يسعى إلاّ الوصف . انتهى . يعني : أن رجلاً يكون نكرة لم توصف ، فلا يجوز منها الحال ، وقد أجاز ذلك سيبويه في كتابه من غير وصف . قال : ) إِنَّ الْمَلاَ ( ، وهم وجوه أهل دولة فرعون ، ( يَأْتَمِرُونَ ( : يتشاورون ، قال الشاعر ، وهو النمر بن تولب : أرى الناس قد أحدثوا شيمة
وفي كل حادثة يؤتمر

الصفحة 106