كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 7)

" صفحة رقم 113 "
وسكون الهاء ؛ وباقي السبعة : بضم الراء وإسكان الهاء . وقرأ قتادة ، والحسن ، وعيسى ، والجحدري : بضمهما .
( فَذَانِكَ ( : شارة إلى العصا واليد ، وهما مؤنثتان ، ولكن ذكرا لتذكير الخبر ، كما أنه قد يؤنث المذكر لتأنيث الخبر ، كقراءة من قرأ : ثم لم يكن فتنتهم إلا أن قالوا ، بالياء في تكن . ) بُرْهَانَانِ ( : حجتان نيرتان . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : فذانك ، بتشديد النون ؛ وباقي السبعة : بتخفيفها . وقرأ ابن مسعود ، وعيسى ، وأبو نوفل ، وابن هرمز ، وشبل : فذانيك ، بياء بعد النون المكسورة ، وهي لغة هذيل . وقيل : بل لغة تميم ، ورواها شبل عن ابن كثير ، وعنه أيضاً : فذانيك ، بفتح النون قبل الياء ، على لغة من فتح نون التثنية ، نحو قوله : على أحوذيين استقلت عشية وقرأ ابن مسعود : بتشديد النون مكسورة بعدها ياء . قيل : وهي لغة هذيل . وقال المهدوي : بل لغتهم تخفيفها . و ) إِلَى فِرْعَوْنَ ( : يتعلق بمحذوف دل عليه المعنى تقديره : اذهب إلى فرعون . ) قَالَ رَبّ إِنّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً ( : هو القبطي الذي وكزه فمات ، فطلب من ربه ما يزداد به قوة ، وذكر أخاه والعلة التي تكون له زيادة التبليغ . و ) أَفْصَحُ ( : يدل على أنه فيه فصاحة ، ولكن أخوة أفصح . ) فَأَرْسِلْهِ مَعِىَ ( : أي معيناً يصدقني ، ليس المعنى أنه يقول لي : صدقت ، إذ يستوي في قول هذا اللفظ العيي والفصيح ، وإنما المعنى : أنه لزيادة فصاحته يبالغ في التبيان ، وفي الإجابة عن الشبهات ، وفي جداله الكفار . وقرأ الجمهور : ردأ ، بالهمزة ؛ وأبو جعفر ، ونافع ، والمدنيان : بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الدال ؛ والمشهور عن أبي جعفر بالنقل ، ولا همز ولا تنوين ، ووجهه أنه أجرى الوصل مجرى الوقف . وقرأ عاصم ، وحمزة : يصدقني ، بضم القاف ، فاحتمل الصفة لردأ ، والحال احتمل الاستئناف وقرأ باقي السبعة : بالإسكان . وقرأ أبي ، وزيد بن علي : يصدقوني ، والضمير لفرعون وقومه . قال ابن خالويه : هذا شاهد لمن جزم ، لأنهلو كان رفعاً لقال : يصدقونني . انتهى ، والجزم على جواب الأمر . والمعنى في يصدقوني : أرجو تصديقهم إياي ، فأجابه تعالى إلى طلبته وقال : ) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ). وقرأ زيد بن علي ، والحسن : عضدك ، بضمتين . وعن الحسن : بضم العين وإسكان الضاد . وعن بعضهم : بفتح العين وكسر الضاد ؛ وفتحهما ، قرأ به عيسى ، ويقال فيه : عضد ، بفتح العين وسكون الضاد ، ولا أعلم أحداً قرأ به . والعضد : العضو المعروف ، وهي قوام اليد ، ويشدتها يشتد . قال الشاعر :
أبني لبيني لستما بيد
إلا يداً ليست لها عضد
والمعنى فيه : سنقويك بأخيك . ويقال في الخير : شد الله عضدك ، وفي الشر : فتّ الله في عضدك . والسلطان : الحجة والغلبة والتسليط . ) فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ( : أي بسوء ، أو إلى إذايتكما . ويحتمل ) بِئَايَاتِنَا ( أن يتعلق بقوله : ويجعل ، أو بيصلون ، أو بالغالبون ، وإن كان موصولاً على مذهب من يجوز عنده أن يتقدم الظرف والجار والمجرور على صلة أل ، وإن كان عنده موصولاً على سبيل الاتساع ، أو بفعل محذوف ، أي اذهبا بآياتنا . كما علق في تسع آيات باذهب ، أو على البيان ، فالعامل محذوف ، وهذه أعاريب منقولة . وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون قسماً جوابه ) فَلاَ يَصِلُونَ ( مقدماً عليه ، أو من لغو القسم . انتهى . أما أنه قسم جوابه ) فَلاَ يَصِلُونَ ( ، فإنه لا يستقيم على قول الجمهور ، لأن جواب القسم لا تدخله الفاء . وأما قوله : أو من لغو القسم ، فكأنه يريد والله أعلم . إنه لم يذكر له جواب ، بل حذف لدلالة عليه ، أي بآياتنا لتغلبن .

الصفحة 113