" صفحة رقم 33 "
قبلك ، فأنت على مناهجهم . وروى علقمة عن عبد الله : أن هذا إلا اختلاق الأولين . ويحتمل أن يكون المعنى : ما هذه البنية التي نحن عليها إلا البنية التي عليها الأولون ، حياة وموت ولا بعث ولا تعذيب . وقرأ باقي السبعة : خلق ، بضمتين ؛ وأبو قلابة ، والأصمعي عن نافع : بضم الخاء وسكون اللام ؛ وتحتمل هذه القراءة ذينك الاحتمالين اللذين في خلق .
( كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى رَبّ الْعَالَمِينَ أَتُتْرَكُونَ فِيمَا هَاهُنَا ءامِنِينَ فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلاَ تُطِيعُواْ أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِى الاْرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ مَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا فَأْتِ بِئَايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ هَاذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوء فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لايَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ).
) أَتُتْرَكُونَ ( : يجوز أن يكون إنكاراً لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم لا يزولون عنه ، وأن يكون تذكيراً بالنعمة في تخلية الله إياهم وما يتنعمون فيه من الجنات ، وغير ذلك مع الأمن والدعة ، قاله الزمخشري . وقال ابن عطية : تخويف لهم ، بمعنى : أتطمعون إن كفرتم في النعم على معاصيكم ؟ وقيل : أتتركون ؟ استفهام في معنى التوبيخ ، أي أيترككم ربكم ؟ ) فِيمَا هَاهُنَا ( : أي فيما أنتم عليه في الدنيا ) ءامِنِينَ ( : لا تخافون بطشه . انتهى . وما موصولة ، وههنا إشارة إلى المكان الحاضر القريب ، أي في الذي استقر في مكانكم هذا من النعيم . وفي جنات : بدل من ما ههنا أجمل ، ثم فصل ، كما أجمل هود عليه السلام في قوله : ) أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ ( ، ثم فصل في قوله : ) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ( ، وكانت أرض ثمود كثيرة البساتين والماء والنخل . والهضيم ، قال ابن عباس : إذا أينع وبلغ . وقال الزهري : الرخص اللطيف أول ما يخرج . وقال الزجاج : الذي رطبه بغير نوى . وقال الضحاك : المنضد بعضه على بعض . وقيل : الرطب المذنب . وقيل : النضيج من الرطب . وقيل : الرطب المتفتت . وقيل : الحماض الطلع ، ويقارب قشرته من الجانبين من قولهم : خصر هضيم . وقيل : العذق المتدلي . وقيل : الجمار الرخو . وجاء قوله : ) وَنَخْلٍ ( بعد قوله : ) فِي جَنَّاتِ ( ، وإن كانت الجنة تتناول النخل أول شيء ، ويطلقون الجنة ، ولا يريدون بها إلا النخل ، كما قال الشاعر : كان عيني في غربي مقتلة
من النواضح تسقي جنة سحقا
أراد هنا النخل . والسحق جمع سحوق ، وهي التي ذهبت بجردتها صعداً فطالت . فأفرد ) وَنَخْلٍ ( بالذكر بعد اندراجه في لفظ جنات ، تنبيهاً على انفارده عن شجر الجنة بفضله . أو أراد بجنات غير النخل من الشجر ، لأن اللفظ صالح لهذه الإرادة ، ثم عطف عليه ونخل ، ذكرهم تعالى في أن وهب لهم أجود النخل وأينعه ، لأن الإناث ولادة التمر ، وطلعها فيه لطف ، والهضيم : اللطيف الضامر ، والبرني ألطف من طلع اللون . ويحتمل اللطف في الطلع أن يكون بسبب كثرة الحمل ، فإنه متى كثر لطف فكان هضيماً ، وإذا قل الحمل جاء التمر فاخراً . ولما كانت منابت النخل جيدة ، وكان السقي لها كثيراً ، أوسلمت من العاهة ، كبر الحمل بلطف الحب . وقرأ الجمهور : ) وَتَنْحِتُونَ ( ، بالتاء للخطاب