" صفحة رقم 39 "
بني إسرائيل ، ويسألونهم عنها ويقولون : هم أصحاب الكتب الإلهية . وقد تهود كثير من العرب وتنصر كثير ، لاعتقادهم في صحة دينهم . وذكر الثعلبي ، عن ابن عباس ، أن أهل مكة بعثوا إلى أحبار يثرب يسألونهم عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) ، فقالوا : هذا زمانه ، ووصفوا نعته ، وخلطوا في أمر محمد عليه السلام ، فنزلت الآية في ذلك ، ويؤيد هذا كون الآية مكية . وقال مقاتل : هي مدنية .
( مَعِىَ بَنِى إِسْراءيلَ ( : عبد الله بن سلام ونحوه ، قاله ابن عباس ومجاهد ، وذلك أن جماعة منهم أسلموا ونصوا على مواضع من التوراة والإنجيل ذكر فيها الرسول عليه السلام ، قال تعالى : ) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُواْ ءامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبّنَا ( الآية . وقيل : علماؤهم من أسلم منهم ومن لم يسلم . وقيل : أنبياؤهم ، حيث نبهوا عليه وأخبروا بصفته وزمانه ومكانة . وقرأ الجمهور : ) أَوَ لَمْ يَكُن ( ، بالياء من تحت ، ( ءايَةً ( : بالنصب ، وهي قراءة واضحة الإعراب توسط خبر يكن ، و ) أَن يَعْلَمَهُ ( : هو الاسم . وقرأ ابن عامر ، والجحدري : تكن بالتاء من فوق ، آية : بالرفع . قال الزمخشري : جعلت آية اسماً ، وأن يعلمه خبراً ، وليست كالأولى لوقوع النكرة اسماً والمعرفة خبراً ، وقد خرج لها وجه آخر ليتخلص من ذلك فقيل : في تكن ضمير القصة ، وآية أن يعلمه جملة واقعة الخبر ، ويجوز على هذا أن يكون لهم آية جملة الشأن ، وأن يعلمه بدلاً من آية . انتهى . وقرأ ابن عباس : تكن بالتاء من فوق ، آية بالنصب ، كقراءة من قرأ : ثم ) لَمْ تَكُنْ ( ، بتاء التأنيث ، ( فِتْنَتُهُمْ ( بالنصب ، إلا أن قالوا ، وكقول لبيد : فمضى وقدمها وكانت عادة
منه إذا هي عردت أقدامها
ودل ذلك إما على تأنيث الاسم لتأنيث الخبر ، وإما لتأويل أن يعلمه بالمعرفة ، وتأويل ) إِلاَّ أَن قَالُواْ ( بالمقالة ، وتأويل الإقدام بالإقدامة . وقرأ الجحدري : أن تعلمه بتاء التأنيث ، كما قال الشاعر : قالت بنو عامر خالوا بني أسد
يا بؤس للجهل ضراراً لأقوام
وكتب في المصحف : علموا بواو بين الميم والألف . قيل : على لغة من يميل ألف علموا إلى الواو ، كما كتبوا الصلوة والزكوة والربوا على تلك اللغة . قال الزمخشري : الأعجمي الذي لا يفصح ، وفي لسانه عجمة واستعجام ، والأعجمي مثله إلا أن فيه لزيادة ياء بالنسبة زيادة توكيد . وقال ابن عطية : الأعجمون جمع أعجم ، وهو الذي لا يفصح ، وإن كان عربي النسب يقال له أعجم ، وذلك يقال للحيوانات والجمادات ، ومنه قول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) : ( جرح العجماء جبار ) . وأسند الطبري ، عن عبد الله بن مطيع أنه قال ، حين قرأ هذه الآية وهو واقف بعرفة : ( جملي هذا أعجم ، فلو أنزل عليه ما كانوا يؤمنون ) . والعجمي هو الذي نسبته في العجم ، وإن كان أفصح الناس . انتهى . وفي التحرير : ) الاْعْجَمِينَ ( : جمع أعجم على التخفيف ، ولولا هذا التقدير لم يجز أن يجمع جمع سلامة . قيل : والمعنى ولو نزلناه بلغة العجم على رجل أعجمي فقرأه على