كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 7)

" صفحة رقم 6 "
شيء مما قالوه .
( وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ( : هو القرآن ، هو بين في نفسه ومبين غيره من الأحكام والشرائع وسائر ما اشتمل عليه ، أو مبى ن إعجازه وصحة أنه من عند الله . وتقدم تفسير ) بَاخِعٌ نَّفْسَكَ ( في أول الكهل . ) أَلاَّ يَكُونُواْ ( : أي لئلا يؤمنوا ، أو خيفة أن لا يؤمنوا . وقرأ قتادة وزيد بن علي : باخع نفسك على الإضافة . ) إِن نَّشَأْ نُنَزّلْ ( ، دخلت إن على نشأ وإن للممكن ، أو المحقق المنبهم زمانه . قال ابن عطية : ما في الشرط من الإبهام هو في هذه الآية في حزينا ، وأما الله تعالى فقد علم أنه لا ينزل عليهم آية اضطرار ، وإنما جعل الله آيات الأنبياء والآيات الدالة عليه معرضة للنظر والفكر ، ليهتدي من سبق في علمه هداه ، ويضل من سبق ضلاله ، وليكون للنظرة كسب به يتعلق الثواب والعقاب ، وآية الاضطرار تدفع جميع هذا إذ لو كانت . انتهى . ومعنى آية : أي ملجئة إلى الإيمان يقهر عليه . وقرأ أبو عمرو في رواية هرون عنه : إن يشأ ينزل على الغيبة ، أي إن يشأ الله ينزل ، وفي المصاحف : لو شئنا لأنزلنا . وقرأ الجمهور : فظلت ، ماضياً بمعنى المستقبل ، لأنه معطوف على ينزل . وقرأ طلحة : فتظلل ، وأعناقهم . قال الزمخشري : فإن قلت : كيف صح مجيء خاضعين خبراً عن الأعناق ؟ قلت ؛ أصل الكلام : فظلوا لها خاضعين ، فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخشوع ، وترك الكلام على أصله كقولهم : ذهبت أهل اليمامة ، كان الأهل غير مذكور . انتهى . وقال مجاهد ، وابن زيد ، والأخفش : جماعاتهم ، يقال : جاءني عنق من الناس ، أي جماعة ، ومنه قول الشاعر : إن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا وقيل : أعناق الناس : رؤساؤهم ، ومقدموهم شبهوا بالأعناق ، كما قيل :
لهم الرؤوس والنواصي والصدور قال الشاعر :
في مجفل من نواصي الخيل مشهود
وقيل : أريد الجارحة . فقال ابن عبسى : هو على حذف مضاف ، أي أصحاب للأعناق . وروعي هذا المحذوف في قوله : ) خَاضِعِينَ ( ، حيث جاء جمعاً للمذكر العاقل ، أولاً حذف ، ولكنه اكتسى من إضافته للمذكر العاقل وصفه ، فأخبر عنه إخباره ، كما يكتسي المذكر التأنيث من إضافته إلى المؤنث في نحو :
كما شرقت صدر القناة من الدم
أولاً حذف ، ولكنه لما وضعت لفعل لا يكون إلا مقصوداً للعاقل وهو الخضوع ، جمعت جمعه كما جاء : ) أَتَيْنَا طَائِعِينَ ).

الصفحة 6